أجرى قسم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة الملك سعود منذ عدة سنوات بحثاً عن كيفية قضاء أوقات الفراغ عند الشباب. وقد أشار ذلك البحث إلى أن الشباب يوزعون وقت فراغهم بين نشاطات مختلفة وهي على الترتيب: مشاهدة التلفزيون – النوم – الاهتمام بشئون المنزل – القراءة – حفظ القرآن الكريم – الاسترخاء – وهذا داخل المنزل، أما خارج المنزل فقد احتلت كرة القدم مركز الصدارة ثم مساعدة أولياء الأمور في أعمالهم التجارية، وهناك من يفضلون اللعب مع الأصدقاء أو التسوق أو الذهاب للنادي أو الذهاب للأماكن الترفيهية. ولا أدري إذا كانت هناك دراسات أخرى عن كيفية قضاء أوقات الفراغ عند شبابنا!! وفي اعتقادي أن هناك ظاهرة خطيرة ينبغي الالتفات إليها وهي ظاهرة إهدار وقت الشباب فيما لا يفيدهم، وتشمل هذه الظاهرة الجلوس لساعات طويلة على المقاهي أو التسكع في الأسواق والشوارع.. وغيرها. ولعل السبب في هذا يعود إلى بعض الضغوط النفسية التي يتعرض لها الشباب أو المشكلات الاجتماعية والتربوية والعاطفية. وتعد ظاهرة إهدار الوقت في كثير من الأحيان ظاهرة مؤقتة، وهي تختلف من شاب إلى آخر حسب ظروفه وتربيته التي اكتسبها من والديه ومجتمعه وبيئته. ولا مراء في أن التربية الدينية الصحيحة من الوالدين في البيت والقدوة الحسنة في المدرسة والبيت والجامعة والعمل يمكن أن تجنب الشباب إهدار أوقاتهم فيما لا يفيد. ولعل من أنجع الحلول لاستغلال وقت الفراغ عند الشباب، وعدم ضياع أوقاتهم فيما لا يفيد، يعود إلى مزيد من التوعية للشباب ومزيد من الرعاية النفسية والتربوية والاجتماعية والصحية لهم .إن هذا يجعلني أشير إلى دور الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين الذين يمكن أن يلعبوا دوراً جيداً في كسب ثقة الشباب، ودفعهم إلى العمل وترك اللهو وعدم إضاعة الوقت فيما لا يفيد. ويتم ذلك بمحاولة دراسة نفسياتهم والتعرف على ظروفهم الاجتماعية والنفسية ومحاولة حلها. كما ينبغي أن تكون هناك توعية صحية وتربوية واجتماعية من المؤسسات التعليمية لما يمكن أن يسببه التدخين، والجلوس في المقاهي من أضرار صحية ونفسية واجتماعية ومادية، كما يمكن لهذه المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات أن تيسر اشتراك الشباب في الأندية الاجتماعية والمعسكرات والنشاطات الثقافية والعلمية والاجتماعية والكشفية. إن ظاهرة إهدار وقت الشباب بمختلف أشكالها تتطلب من جميع التربويين مزيداً من الدراسة لتقدير ظروف الشباب، ومعرفة ما يشغل تفكيرهم، وأهمية التوازن النفسي والاجتماعي لهم في هذه المرحلة الدقيقة من العمر، بحيث يستطيع الشباب أن يكونوا على مستوى المسئولية وأن يوظفوا طاقاتهم وأوقاتهم في سبيل رفعة دينهم ووطنهم وأمتهم المجيدة.