رفعت (فيروز) عقيرتها.. تفتحت نوافذ بيوت المدينة.. تدلت عرائش العنب من الشّرفات : " ياليل الصّبُ متى غدُهُ.. أقيام الساعة موعدُهُ "؟! ليتني أستطيع أن افعل شيئًا لك .. أفضل من أن أجعلك تنتظرني على قارعة الطريق.. لا تليق بي هذه الطرقات المتعرجة المفضية إلى أماكن لم تعهدها خطواتي.. رئتاي تضيقان بهذا الهواء الخانق المشبع بالعداء.. ترهقني الخطط.. وتزعجني الاستراتيجيات.. الأمر لا يتعلق بالإرادة والاختيار يا صاحبي بل بهذا الشيء الذي يستوطن داخلي ولا يدعني .! إنه يتنقّل بين غرف القلب.. أثاثها وثير بالطمأنينة مترف بالحبور.. يتحسس حيطانها الجورية ، فتومض في زوايا النفس أمنيات قديمة وحميمة، تتسع مساحة ضوئها على شاشة العرض ثم تثبت الصورة.. هذا وجه أعرفه ويعرفني.. تتدرج ألوانه وتتداخل مع لون اللحم.. ليتها مسألة وقت فحسب، فما أكثر الأوقات الفاضلة والثمينة التي أضعتها في انتظار آخر عربة في قطار الليل المتهالك.. ماذا عسى أن يأتي به القطار - هذا إن جاء - وما يدريك لعل سائقه قد أرخى جفنيه، وأسلم نفسه لموتة صغرى .! * * * *آخر السطور: وينهمر صوت فيروز دافئا، يلامس رؤوس أشجار الأرز، فيذيب ثلوج الصمت: كَلِفٌ بغزالٍ ذي هَيَفِ خوفُ الواشينَ يُشرّدهُ نصبَت عينايَ له شَرَكًا في النوم فعزّ تصيُّدهُ "..