سألته: لماذا حصلت هذه السنة على تقييم (مُرضٍ) بينما كان تقييمك في العام الماضي (ممتاز) فرد عليّ والحسرة تملأ تعابير وجهه، لقد كان كل شيء على ما يرام، والعلاقة بيننا(سمن على عسل) فأتى ما يكدرها من وقفة في النفوس، وصدام في المواقف قبل نهاية السنة بفترة بسيطة، فتحول الرضا إلى سخط، وتزحزت من خانة المئات إلى درجات فتات، وانحدرت من هرم التفوق إلى هوة القوائم السوداء، فقلت عجبي! هل مجرد أيام بسيطة وفترات قليلة تفرض انطباعاً صادقاً وتصورات منطقية عن الأداء الحقيقي والمستوى الواقعي للموظف، هل هذه الفترة الوجيزة والساعات المعدودة مكنت المسؤول الإداري من معرفة وتلمس جوانب القوة ومواطن الضعف لدى المرؤوس ومن ثم الحكم عليه، ولكنه القضاء البشري، والقسمة الآدمية الضيزى، تعترضها الأهواء، وتميل بها النفس، وتحيد بها طبائع البشر المجبولة على الانتصار للذات، وإشباع نزوتها الجانحة عن الصواب. لكي نضع لذلك الظلم حداً، ولأجل أن نجعل لهذا الإجحاف سداً، يجب أن نرتب أجزاء الصورة المبعثرة، ونرقم فقرات الإنصاف المشتتة، ونطأطىء الأعين الشاخصة أبصارها نحو نيل رضا المسؤولين الأرفع منهم إلى مرؤوسيهم الذين صرُفت الأنظار عنهم، وأشيحت الوجوه عن الالتفات لهم. وهذا الأمر لا يتأتى إلا بأن نمنحهم قدراً في تقييم أداء مديرهم، ونضع لهم جزءاً مقبولاً في تحديد درجات ومستوى مسؤولهم الإداري، والآلية التي تبادر إليها ذهني القاصر عن افهامكم المتقدة، واجتهد لها عقلي المحدود عن أفكارهم النيرة أن نحدد نسبة معينة من درجات التقييم المتعلقة بالمسؤول الإداري ولنفرض مثلاً 30٪ تكون من اختصاص المرؤوسين بحيث يضعون الدرجة المناسبة التي يستحقها مديرهم وفق العناصر التي تحكم العلاقة بينهم وبناءً على المعطيات التي سجلوا من خلالها مشاهداتهم، فتجمع درجات العنصر المقيم من جميع الموظفين وتقسم على عددهم وترصد الدرجة. ونخرج من هذا بفوائد متعددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: التخلص من التعسف في إساءة استعمال السلطة من قبل المدير، واعطاء جانب من الثقة في المرؤوس في عدم الرضوخ للنفوذ السلبي المتمثل في التهديد بالحرمان من بعض الفرص الممنوحة للموظف من دورات وانتدابات، وكذلك القضاء على الوعيد بالخصومات والإنذار بالحسم من العلامات المستحقة في التقييم، والتخلص نهائياً من الفساد المستشري في أروقة المكاتب من مداهنة وتملق وخدمات من تحت الطاولة وقانون (شد لي وأقطعلك).