تتسابق أغلب محلات الوجبات السريعة لإيصال طلباتها إلى المنازل عند ورود الطلب، وقد تحدد لك الوقت الممكن لوصول الطلب إليك، وبعض المحلات، طبعاً ليس لدينا، تعتذر عند التأخر لدقائق عن الوقت المحدد، وقد تدفع لك الطعام مجاناً عند التأخير، أو تعتذر بأي طريقة إذا كانت هناك مبررات لهذا التأخير طارئة وليس مسؤولاً عنها من يقوم بالتوصيل. في مصر حفظها الله وأعاد إليها أمنها هناك محل للعصير مشهور في شارع جامعة الدول العربية، تصطف السيارات أمامه بالعشرات، ولايدخل إليه الزبائن حيث يتجول عمال المحل خارج المكان بسؤال أصحاب السيارات الراغبين في الشراء عن طلباتهم دون أن ينزلوا منها، ومن ثم إحضار العصير، والتحرك بين السيارات الأخرى وبعد دقيقتين أو أكثر قليلاً يحضر العامل ليأخذ الكاسات، والمبلغ المطلوب مضافاً إليه ما تجود به نفسك كعرف، وليس كطلب منه، أو تحديد للمبلغ المضاف، حيث إن هؤلاء العمال لا يستلمون راتباً محدداً، ودخلهم من العمل في المحل، يتوقف على بقشيش الزبائن، أو ما يدفعونه زيادة على ما هو مطلوب منهم، مقابل وصول العصير إليهم في سياراتهم وعدم التكلف بالنزول، وكل منهم يكسب حسب حظه ونصيبه وكرم الزبون الذي يتعامل معه، وطريقته في التعامل وأيضاً قدرته في التأثير على من يشرب ليدفع له أكثر. في بعض البقالات الصغيرة أو ما يسمى محلات التموين في الأحياء تكتب لافتة على المح: نقوم بتوصيل الطلبات إلى المنازل، وكثير من الأسر وربات البيوت يكن بحاجة ماسة لبعض الاحتياجات المفاجئة، أو نقص في خضروات أو خبز أو غيره أثناء الطبخ أو احتياج مفاجئ ولذلك تنظم هذه الأسر تعاملها مع هذه المحلات من خلال الاتصال بالهاتف، وطلب ما تحتاجه ويحضره عامل المحل بسرعة، حتى زجاجات المياه الكبيرة.. طبعاً الأسعار أكثر قليلاً من محلات السوبر ماركت الكبرى لكن لا تهتم الأسر التي تطلب بذلك، حيث تصلها الأشياء حتى باب الشقة دون تكلف بالخروج أو التسوق، الشيء الآخر أن بعض الأسر تدفع نهاية الشهر للمحل ما أخذت، أو تؤجلها لوقت آخر، إن لم يكن لديها لحظتها نقود، وتُبنى علاقة ثقة متبادلة بين الطرفين الأول من خلال صبره على الثاني في الدفع وتقديمه احتياجاته، والثاني من خلال ثقته فيما يقدمه الأول له، وإيمانه أن السعر المرتفع قليلاً عن المحلات هو نتيجة لوصوله إلى المنزل وهذا التوصيل له قيمة أخرى... منها توفير وقت المشتري في الذهاب إلى البقالة، حيث إنه قد لا يرغب في ذلك، ووصول ما يريد إليه وهو في مكانه، وفي الوقت الذي يريده.. ما سبق منفعة متبادلة قد تزداد نمواً في ظل كرم الطرف الثاني المشتري، وإكرامه للعامل بين آن وآخر، حتى يستعجل في المرات القادمة، ويحضر له ما يريد. منذ فترة نشرت «الرياض» خبراً عن اعتذار محال تموين عن توصيل طلباتها إلى السيارات التي تقف أمام المحل، ويطلب زبائنها طلبات.. حيث رفضت هذه المحلات والبقالات خروج عمالتها لتوصيل الطلبات إلى السيارات الواقفة أمام محلاتها بوضع لوحات وملصقات تعتذر فيها عن عدم التوصيل لرفع الحرج عنها؛ حيث يرى العاملون في هذه المحلات أن أكثر المستخدمين لهذا التوصيل هم من الشباب الذين يستخدمون المنبه لاستدعاء العامل وإرهاقه بالعودة بالطلب بعد أخذه، ومن استلام المبلغ، وإرجاع الباقي، بينما الشاب منشغل بالهاتف، أو بكتابة الرسائل.. ورأى العمال أن الشباب لا يرغبون في إيقاف سياراتهم بعيداً عن المحل والنزول للشراء حيث يتكاسلون، بينما يرد الشباب بأن ذلك صحيح، حيث لا توجد مواقف، وإن توفرت فهي بعيدة، وأيضاً من الصعب إطفاء محرك السيارة خاصة في فصل الصيف.. هذا التوافق في الرأي بين الطرفين لا يعني أن العمال على حق، أو الشباب على حق، ولكن هذه خدمة تقدمها بعض المحلات وتلتزم بها إذا أرادت كسب زبائنها، وعليها كتابة الهاتف على لوحة المحل، وتوصيل الطلبات، إلى المتوقفين بسياراتهم، وعلى الشاب دفع مقابل خدمة للعامل لتركه المحل وخروجه منه، وعلى المحلات أيضاً زيادة العمالة للتعامل مع من يطلبون خارجاً، أو من يرغبون في الشراء وهم في سياراتهم..