تجاور هجرة "خريص" أحد أكبر مشروعات البترول في العالم -الذي يقدر انتاجه (1.2) مليون برميل يومياً-، ولم يشفع لها ذلك أن تتمتع ببنية تحتية خدمية تناسب موقع الحقل ومكانته العالمية، حيث إنّها تعاني من عشوائية المنازل، وضعف البنية التحتية، وسفلتة طرقها شبه غائبة.. تئن منازل الهجرة تحت غابة من الأسلاك الكهربائية وكابلات الضغط العالي، الأمر الذي يهدد حياة سكانها بشكل لافت لمن يمر بتلك المنطقة الواقعة بين "الرياض" و"الأحساء"، حيث يعد الطريق المار بها أقصر الطرق بين المنطقتين الكبيرتين، وتتبع إدارياً للمنطقة الشرقية. "خريص" هجرة نائية يحاول أبناؤها اللحاق بنمط حياة المدينة عبر تسخير مواردهم المالية الآتية من الوظائف المدنية في بناء المنازل بشكل بدائي؛ لأنّ واقع الخدمات يعيق الطموح السكاني، ويؤخر التنمية، ويُبقي على الهجرة بلدة مصحرة لا شيء فيها إلاّ المباني المتهالكة والطرق المتشققة، ومن خلال جولة قصيرة يمكن توثيق الواقع الخدمي النامي جداً، والنقص الذي لا يشجّع كثيراً على تطوير المجتمع القادم من قلب صحراء "الدهناء" في المساحة الجغرافية الرملية الجافّة، حيث يعيش قرابة (2000) شخص مع طبيعة الصحراء وخدمات ناقصة، وتخطيط عشوائي، تحيط بكل ذلك آبار النفط الواقعة على حقل "خريص". خطوط الضغط العالي تهدد حياة السكان تطوير الخدمات وقال "علي بن منديل الحراجين الدوسري": "هجرة خريص هي واجهة الأحساء من جهة الرياض، وتعاني غياب الخدمات الأساسية من صحة، ومرافق، وبنية تحتية، وعشوائية في البناء، وقد سبق وأن أرسلنا شكاوي ومطالب عديدة بتلك المشكلات إلى الكثير من المسؤولين، وتحديداً وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة البترول والمعادن وشركة أرامكو، وغيرها من الجهات ذات العلاقة بتطوير وتنمية الهجرة". وأضاف: الدوسري": "أرامكو طلبت نقلنا إلى مكان آخر لاحتياجها الهجرة من أجل توسعة مشروعاتها، وبالفعل هناك مخطط يحمل اسم (مخطط خريص الجديد) منذ 25-10-1414ه، وصدر أمر سامٍ يقضي بنقل سكان الهجرة إليه، ومنح الأشخاص الذين لديهم أرض في الهجرة قطعة سكنية لكل واحد منهم وكذلك تعويضهم، إلاّ أنّ المخطط لم يتم تنفيذه إلى الآن، وما زالت المشكلات قائمة". وذكر "فواز بن مسفر الحقباني" أنّه لا توجد لديهم رعاية صحية كاملة، حيث لا يتوافر سوى إسعافات أولية، كما لا يوجد بالهجرة أي مصرف أو ماكينة صراف للسحب الآلي؛ مما يعطل مصالح السكان والمارين على الهجرة من سعوديين وخليجيين، مضيفاً: "نضطر الذهاب إلى الرياض أو الأحساء لسحب أموال تكفينا لأسبوع وهذا فيه مخاطرة كبيرة بحمل أموال كثيرة في السيارات". وطالب "عثمان بن مبارك الحراجين"، بتطوير مركز صحي "خريص" وتوسعته وتوفير مكان لتنويم المرضى، مشيراً إلى أنّ المركز الصحي مصمم ومهيأ للرعاية الصحية الأولية لتقديم الخدمات العلاجية والوقائية من المستوى الأول، ولا تتوافر به الخدمات الطبية المطلوبة للتنويم، وسبق أن وُعِدَ الأهالي قبل ذلك بإدراج مشروع إنشاء مستشفى "خريص"، لكن لم ينفذ هو الآخر، كما طالب "دروج بن محمد الدوسري" بنقل الهجرة إلى مخطط "خريص" الجديد المعتمد التابع لأمانة محافظة "الأحساء"، مبدئيا استغرابه من عدم النقل حتى الآن. مبان متهالكة وأشار "سعد بن مبارك" إلى أنّ المباني في الهجرة بنيت بشكل عشوائي على أساس غير صحيح، وبالتالي فهي غير آمنة وآيلة للسقوط، وتتفاقم مشكلاتها خلال موسم الشتاء، إضافةً إلى خطر مرور كابلات الضغط العالي فوق منازل سكان الهجرة مباشرة". ولفت "جمحان الدوسري" إلى أنّ هناك آبارا بترولية في طرفي الهجرة من الجهة الشرقية والغربية، إضافةً إلى انتشار روائح الغاز في المنطقة التي تعتبر غير صديقة للبيئة، حيث تقع على أطراف البلدة أعيان غاز (h2s)، ويعاني الأهالي من رائحته، كما أنّه قد يؤثر على مياه الشرب المتوفرة في المنطقة، ويجعلها غير صالحة للاستخدام. وأوضح "محمد بن سالم الدوسري" أنّ غياب رقابة البلدية على المسلخ جعل من الذبح أمراً عشوائياً، إضافة إلى انتشار مواد غذائية منتهية الصلاحية، مبيّناً أنّ مشروع الإنارة تم تنفيذه في الطريق الرئيس وتركيب الأعمدة منذ ثلاث سنوات ولم يتم تشغيلها حتى الآن، مضيفاً:"لا توجد وحدة بيطرية مع أننا طالبنا بها مراراً وتكراراً نظراً لاهتمام الأهالي بالإبل وكثرتها في المنطقة، كذلك لا توجد صيدلية، كما لا توجد بلدية مقارنة مع الهجر الأخرى مثل (يبرين) و(سلوى) مع أنّهما تقاربان هجرة خريص في الحجم والسكان، كما أنّ هناك قصورا في أداء المؤسسة المتعهدة بنظافة جامع الهجرة، الذي يحتاج هو الآخر إلى إعادة ترميم". نقل الهجرة وقد قدم معالي وزير المالية طلباً بنقل الهجرة إلى مخطط جديد يبعد (30) كيلاً بعدما تقدمت شركة "ارامكو" بطلب نقل الهجرة لحاجتها إلى التوسع في أعمال الشركة، ومن شأن هذا الموقع الجديد المعتمد من (20) عاماً أن يخدم أهالي الهجرة وموظفي الشركة، حيث ستتوفر به كافة الخدمات. وبيّن "بدر بن فهد الشهاب" -مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام المتحدث الرسمي لأمانة الأحساء- أنّ أمانة "الأحساء" عملت على تخصيص موقع آخر لهجرة "خريص"، حيث تم اعتماد المخطط البديل رقم (4/600) ويقدر عدد الأراضي فيه ب(949) قطعة أرض، وقد تم تسليم المخطط وموقعه على الطبيعة إلى شركة "أرامكو" لتطوير الموقع حسب التنسيق المسبق مع الشركة بهذا الخصوص، والأمانة في انتظار إكمال تطوير الموقع البديل، وسيتم تسليم أصحاب المنازل القائمة من الموقع الحالي للهجرة وفق الإجراءات المتبعة بعد تسليم الموقع من قبل شركة أرامكو.