هذا ما فعله (المازني)! قال إنه بعد عدة أجيال سوف ينكر النقاد وجود رجل اسمه طه حسين! بدت الحكاية عندما أنكر طه حسين وجود الشعر الجاهلي، واعتبره منحولاً لعدة أسباب لا توجد إلا في رأس العميد! ثم حلت له اللعبة فأنكر أيضاً وجود «قيس بن الملوح - مجنون ليلى) واعتبره مجرد خرافة! وحجته في ذلك أن ذلك الشاعر العاشق المزعوم لا يذكر أمامه اسم (ليلى) إلاّ خرَّ مغشياً عليه! فكيف يبدع هذا الممسوس - كما قال العميد - هذا الشعر الجميل؟..؟.. هذا الشعر قاله رجال من قبيلة (قيس المزعوم) (عذرة) ليفخروا بأن رجالهم شعراء مرهفون وعشاق مخلصون وأن نساءهم أجمل النساء!.. وسلط الله على العميد معاصره (المازني) فكتب مقالاً مدوياً خلص منه إلى أن طه حسين نفسه سيكون خرافة بعد عدة قرون، وأنه لم يكن له وجود، فكيف بصعيدي فقير كفيف أن يذهب إلى باريس ويتقن لغتها أفضل من أهلها ويتزوج امرأة من أفضل الباريسيات؟ ويعود فيصبح عميداً للجامعة ثم وزيراً للتعليم ثم عميداً للأدب العربي كله؟! وكان نقد المازني لطه حسين أجمل نقد تلقاه الأخير في حياته! لأنه في جوهره تمجيد ما بعده تمجيد! أما حكاية قيس الذي يغمى عليه كلما ذكرت ليلى فإن صاحب الأغاني هو الذي كرّر الإغماء مراراً ربما لحب الإثارة!