لقد ترددت في طرح موضوع اليوم لأنني أجد من الصعوبة طرح رأي في الكتابة ممن لازال يحبو في عالمها، وربما لا يتجاوز مسألة الحبو هذه، مثلي. فتجاربي الكتابية لا تسمح بتصنيفي كاتباً محترفاً بقدر ما أنا صاحب رأي، والفرق هو أن الكاتب هو ذاك المتمكن من أدواته الكتابية بمختلف تصنيفاتها الفنية والجمالية واللغوية والشكلية.. بينما صاحب الرأي مثلي لا يعتد كثيراً بتلك الأمور، وإنما الهدف لديه هو إيصال أفكار أو رؤى أو معلومات بذاتها، بغض النظر عن براعة الأسلوب اللغوي والأدبي الذي تطرح من خلاله... هذا شيء مفهوم، ولكنني سأتجاوزه لأطرح بعض الأفكار حول الكتابة دافعها الرئيسي هو الأسئلة التي تردني من قراء وأصدقاء، وبالذات تلك الأسئلة التي تأتي من طلاب المراحل الثانوية والجامعة - وقد سعدت مؤخراً بالحديث لطلاب إحدى المدارس الثانوية حول تجربتي الكتابية - فهناك من يسأل كيف تصبح كاتباً؟ كيف تتمكن من الاستمرار في الكتابة؟ إلى آخره من الأسئلة التي ليس لها إجابات محددة، وقد أعاني في شرحها حيث هناك فرق بين أن تقوم بعمل ما وبين أن تطرح طريقة القيام به ضمن صبغة منهجية. بالتأكيد هناك شوق لمعرفة الإجابة على السؤال الوارد في العنوان أعلاه، كيف تصبح كاتباً في عشر دقائق؟ وهو عنوان على غرار كيف تتعلم الإنجليزية في خمسة أيام؟ أو كيف تكتب رسالة الدكتوراه في عشر دقائق؟ ولكنني لا أطرحه كمجرد عنوان يجلب الإثارة، ولكن كفكرة رئيسية لكيف تصبح كاتباً. الشرط الأول لتصبح كاتباً ، بغض النظر عن نوع وجودة وتفاصيل ما تكتبه، هو أن تصل لمرحلة الإدمان في الكتابة، فكما هو المدمن على عادة شرب القهوة كل صباح ، الكاتب لن يكون كاتباً مستمراً مالم يدمن الكتابة، ومالم تصبح الكتابة جزءاً من عاداته الرئيسية في الحياة، سواء عادة يومية أو أسبوعية . أتحدث عن الكتابة هنا وليس النشر، فذاك موضوع آخر. نصيحتي لأي مبتدئ هي أن يكتب يومياً وليبدأ على الأدنى بعشر دقائق يوميا أو ربع ساعة، لا يهم ماذا يكتب ، المهم هو أن يكتب، يكتب عن موضوع يحبه، يكتب عن أحداث يومه، وحتى عندما يرى بأن لاشيء في ذهنه يستحق الكتابة، يكتب عن ذلك، ليكتب لماذا لا يخطر ببالي موضوع يستحق الكتابة اليوم؟ هل أنا متعب، هل لأنني لم أقرأ شيئاً منذ زمن، هل لأنني لم أنم جيداً.. المهم هو أن يكتب يومياً، وخلال فترة بسيطة سيجد نفسه يكتب أكثر من العشر دقائق المقترحة، ومع الوقت سيجد الكتابة جزءاً من عاداته التي يصعب عليه مفارقتها.