لا يستوي من كان يعمل بإخلاص وبصمت وأنفق ماله في وجوه الخير قاصداً رضا ربه والدار الآخرة، ومن هو للخير مناعٌ وللشر مطواعٌ. ولا يستوي من رحل عن دنيانا وترك ذكرى جميلة وإرثاً من الخير وافراً وبصمات خالدة طبعت في قلوب الناس فذكره باق وشكره واجب، ومن رحل وجعبته من الخير وذكر الناس خاوية شتان الفرق. فلقد رحل عن عالمنا كوكب مشرق في سماء من عرفوه ومن سمعوا عنه فأظلمت دنياهم إنه الشيخ الوجيه الأستاذ المربي الفاضل فوزان بن فهد الفهد ابن الوطن البار وصاحب الأيادي البيضاء والمنفق في سبيل الله وخادم كتاب الله.. فقد رحل فقيدنا بالأمس القريب تاركاً خلفه إرثا كبيرا من الخلق الحسن وأعمال البر المتعددة ولا سيما جائزته السنوية (جائزة فوزان الفهد لحفظ القرآن الكريم) التي تقام في مسقط رأسه محافظة الزلفي. لقد بكيناه جميعاً فلقد كان أباً للصغير وأخاً للكبير وكما كان من رواد التعليم بالمملكة، وأول مدير لمدرسة أهلية. وفي الحقيقة إنني كنت أسمع منذ الصغر بهذا الاسم العالي الذكر وقد حظيت في الكبر بشرف لقاء الفقيد ثلاث مرات فقد لاحظت ولأول وهلة أن الفقيد كان يعمل بصمت في سبيل أعمال البر لمست تواضعاً جماً ونفساً صافية وقلباً مشغولاً بهموم الناس ولا سيما المحتاجين وقد لاحظت في عينيه تدفق الطيب والنفس الكريمة ولمست فيه إخلاصاً للوطن وولاءً لوطنه الكبير (السعودية) والصغير مدينته (الزلفي). فلقد كان سعيداً أنه خلال يومين سوف يسافر إلى مدينته الزلفي ليشهد حفل جائزته السنوية (جائزة فوزان الفهد لحفظ القرآن بالزلفي) وقد سرني ذلك وسرني شغفه بهذا الموضوع وقد دعاني لحضور الحفل كان هذا قبل ما يقارب سنتين. وقد تطفلت وسألته كيف كانت فكرة الجائزة؟ فأجابني -وهو مبتسم- كان ذلك منذ سنوات حين أعلنت جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالزلفي عن إحداث جائزة لحفظ القرآن الكريم لأبناء المحافظة وبعد فترة قمت بالاتصال بالجمعية وسؤال القائمين عليها هل تقدم أحد فأجابوا: لا، فقلت أنا يسرني القيام بذلك، وكانت سعادة لا توصف. فكان الراحل شغوفاً بوطنه وخدمة دينه ومليكه، وقد لمست ذلك عندما طلب مني في لقاء آخر أن أكتب عن القطار بالزلفي. وقد أسعدني حب الراحل لوطنه واهتمامه بقضايا وطنه الكبيرة والصغيرة، هي معان سامية نبعت من نفس طيبة فمن خلال لقائي بالراحل استشففت منه المعاني النبيلة الآتية: التواضع، البشاشة،الجود،الطيبة،الوفاء،عمق الايمان بالله،البساطة،اللين،وغيرها. وداعاً أيتها النفس الكريمة الطيبة التقية الرضية الأبية وداعاً يامن حفرت ذكراك في الأذهان ياخادم كتاب الله يانصير الفقراء. مابال من فقدوك قلوبهم نبضها تسارع فتسارع حرقة على الفقد الأليم لرجل كريم أفنى حياته لخدمة الدين والوطن. اليوم رحلت ياشيخنا أيها المربي الفاضل فلم يكن رحيلك حدثاً عادياً بل إنه كان زلزالاً زلزل القلوب وسكب الدموع وأيقظ الحزن النائم. فيا الله ياربنا المعبود من غيرك قصدنا فاغفر لشيخنا فوزان الفهد.