كنت ملء القلوب وكنت ملء النواظر، أيها الراحل العزيز وداعاً عش قرير العين، في جنة الخلد بجوار رب كريم إلى رحمته ورضوانه تهفو المشاعر.في مثل هذا الموقف تغيب العبارات وتغيض العبرات، كيف لا وأنا أرى - والألم يعصرني - صفحة العمر لهذا الرجل السمح الكريم تطوى أمام ناظري ويترجل هذا الفارس بعد مشوار حافل بجلائل الأعمال، يزهو سجله الذهبي بأنصع الصفحات في مجالات الخير والبر والاحسان، ولكن مما يخفف ألم الفراق بفقده واللوعة برحيله ان هذه سنة الله في خلقه - كل نفس ذائقة الموت - وكل من عليها فان.لقد كان فقيدنا الغالي الذي لا يعوض الشيخ الوجيه المحبوب صالح المطلق الناصر الحناكي يرحمه الله، في سيرته ومسيرته مثال وأنموذج الرجل الصالح والإنسان المثالي في علاقاته وتعامله مع أبناء مجتمعه، من يعرفه ومن لا يعرفه، تغمر قلبه الطيبة الطيبة المتناهية والحب الفطري الأصيل لفعل الخير، كريماً بأبهى صور البذل والسخاء عن أريحية وطيب نفس يصدق فيه قول الشاعر: يراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله تعود بسط الكف حتى لو أنه أراد انقباضا لم تطعه أنامله لقد عرف الجميع - أبا مطلق - رجلاً كبيراً في مكانته تأسرك خلاله الكريمة وتدفعك إلى احترامه وتقديره خصاله الحميدة ومواقفه المشرفة، لأنه يتعامل مع الجميع بأخلاق الرجال الكبار بكل ما تحمله من أريحية وتواضع ونخوة وشهامة.. عاش رحمه الله مخلصاً لدينه ومليكه ووطنه لايدخر جهداً في السعي لتحقيق رغبة المحتاجين بقلب مفتوح وبنفس سمحة رضية، وقد زاده الله من فضله وواسع رزقه ولم يزده البذل والعطاء إلاّ خيراً مضاعفاً مصداقاً للآية الكريمة «من الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم». وللفتى من ماله ما قدمت يداه قبل موته لا ما اقتنى وإنما المرء حديث بعده فكن حديثاً حسناً لمن وعى إن هذه الكلمة المتواضعة في حق فقيدنا وفقيد الوطن كافة وفي المقدمة مسقط رأسه - مدينة الرس - الوادعة الذي أحبها وأحبته وعاش فيها طوال حياته. هذه الكلمة وفي هذا الظرف العصيب ليست لعصر مآثره وأعماله أو عن سيرة حياته المليئة بالاشراق والرجولة والكفاح، ولكنها كلمة وفاء وعرفان لمثل هذا الرجل المثالي الإنسان الذي ودع الحياة ونحن أحوج ما نكون لأمثاله.. واليوم وقد فارقنا إلى الأبد ورحل عن دنيانا الفانية وإلى ان يجمعنا الله به في دار كرامته ومستقر رحمته لا نملك إلاّ ان نرفع أيدينا إلى السماء إلى صاحب الكرم والجود إلى المولى عز وجل ندعوه من قلوبنا بأن يغفر لفقيدنا ويرحمه ويكرم نزله وان يجعل قبره روضة من رياض الجنة وان يلهم أهله وذويه وكافة محبيه الصبر والاحتساب.. والله المستعان. آمنت بالله والآجال قدرها إذا انتهى العمر لم ينقص ولم يزد وكل حي لورد الموت مرتحل يسعى متى ما يصله رحله يرد