ثمة مقولة يرددها سكان وزوار مدينة جدة.. عروس البحر.. مقولة لا تخلو من الزهو والفخر بهذه المدينة الجميلة.. والمقولة هي (جدة أُم الرخا والشدة) ومقولة أُخرى أصبحت مثلاً.. قالها منظمو مهرجان تجاري قبل بضع سنين (جدة غير) .. ولا أنسى قبل عقد من الزمان أو يزيد (قمت أنا وبعض الزملاء) بالترصد الوبائي عن مرض الملاريا في جازان.. وكيف ان الملاريا المخية وهي أخطر أنواع الملاريا مستوطنة في جازان مع الأسف الشديد.. وحدثني من أثق به منذ يومين أن الملاريا لا تزال تفتك بالناس وتزداد الإصابات مع هطول الأمطار.. في جازان الوادعة ومدينة الكادي والفن والشعراء.. ماعلينا.. فنحن نعيش هذه الأيام موسم غيوم وأمطار تعم الجزيرة العربية والمملكة.. وقد بدأت الأجواء الباردة والممطرة كما توقع الدكتور الزعاق.. بسبب المنخفض الجوي البارد والقادم من أوروبا وتركيا ومنطقة الشام.. وأختم سوانح اليوم بصورة لا تزال مرتسمة في ذاكرتي عن أمطار أيام زمان.. فبمجرد أن تُرعد السماء وتبرق.. تجد الآباء وكبار السن يرددون بصوت عال كلمة واحدة آمرة (فتحوا المرازيم) فالبيوت الطينية لا تتحمل سطوحها تجمع المياه وركودها على الأسطح.. عندما تكون مرازيم تصريف المياه مسكرة.. فيستنفر الشباب والرجال وكل واحد يحمل مسحاة.. وقد غطى رأسه وأعلى جسمه بخيشة.. ويبدأ في تصريف مياه الأمطار بالمسحاة في السكك ليبعدها عن منزله.. واتقاء ماينزل من الأعلى بالخيشة.. والمرازيم تقوم بالتصريف صيفاً وشتاءً.. ففي الصيف عندما ينام الناس في السطوح.. وكبار السن أمثالي يعرفون بالتحديد فائدة المرزام آنذاك.. وفي الشتاء عند نزول المطر.. ولذلك تكون المرازيم مهجورة في أوقات كثيرة.. فتصبح مسكرة أو منسدة بفعل ماتحويه من أتربة أو أعشاش لعصافير صغيرة (من نوع الدزحالي) وجدت أمناً وملاذاً في مرازيم بيوتنا الطينية المهجورة.. لشح الأمطار في الشتاء.. وقِصَر فترة الصيف.. فتقوم العصافير المقيمة ببناء أعشاشها عند فتحات المرازيم أو داخلها لتضع بيضها ليفقس.. لكنه يموت ويُرمى أثنا تفتيح المرازيم.. فكم من عصفور فقسَ للتو أخذ يشقشق منادياً على أمه.. ويفتح منقاره الصغير عند سماع أصوات معاولنا تفتح المرزام آنذاك.. لتنظيفه من الأتربة والعش وقشر البيض مع العصفور الذي يشقشق.. ظناً منه أن أمه قد قدمت لتطعمه بعض الحَب من منقارها الأكبر قليلاً من منقاره الصغير.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية