لاشك أن الرياضة أحد النشاطات البشرية الأكثر شهرة وشعبية في العالم. فهي تغطي على الفنون والأنشطة الثقافية وكل الممارسات البشرية الأخرى. غير أن الرياضة ليست منعزلة عن القيم، بل هي من صميمه، وكل رياضي عليه أن يحمل قيمه معه أولاً. في كل فترة نشاهد مشادّات كلامية بين لاعبين أو بين لاعب ورئيس ناد، أو بين أي طرفين رياضيين، في هذه الحالة يحتد الصوت وترتفع النبرة وتزدهر أسواق الاتهام والتتفيه والتهزيء. مع أن الرياضي هو فنان بالضرورة، والفنان يجيد اختيار العبارات وكسوها. بعض العبارات عادية لكن سياقها يكون حاداً وبخاصة أن من يشاهد هؤلاء أجيال شابة أو حتى بعض الأطفال مما ينعكس عليهم. كان الشافعي يقول: "اكسُ ألفاظك" بمعنى أن يكون اللفظ ملطّفاً ساعة النقاش والحوار والحديث. هذه الحدة التي نشاهدها ونقرؤها في المجال الرياضي ليست مبررة بتاتاً، بل هي ممجوجة ومرفوضة جملة وتفصيلاً. لنتابع بعض اللاعبين الخلوقين في الميادين الرياضية وفي هذا يحضرني نموذجين اثنين أولهما ماجد عبدالله الذي لم يأخذ كرتاً أحمر إلا مرة واحدة في حياته وفي صحّتها شك، والثاني اللاعب الأرجنتيني "ريكلمي" الذي كان قدوة في أخلاقه وتهذيبه والبعد عن مهاترات الإعلام وكانت مواقفه تجاه الآخرين غاية في الفن والأخلاق، هذه النماذج مميزة وتستحق الاحترام والتوقير والتقدير إلى أبعد الحدود. في هذه الأيام ومع بطولة الخليج في كل قناة رياضية مجلس مليء بالمحللين، بعض الاستديوهات كأنك في حفل زواج، ملء الاستديو من طرفه إلى طرفه الآخر، والكل يتحدث ويرفع الصوت، ويستمر البرنامج لساعات طويلة ويحدث فيه مشادات ويبث البرنامج من دون ترتيب أو تبويب أو وضع آلية وصياغة وسياق للبرنامج، من هنا فإنني أتمنى أن نأخذ بعين الاعتبار المدة الزمنية للبرنامج وأن يكون للبرنامج هوية تختلف عن الشاليهات وجلسات المقاهي، ولهذا أحيي الزميل بتال القوس على برنامجه المختصر والذي يضم الأفكار المباشرة والتنظيم الجميل. بآخر السطر، فإن الرياضة ثقافة قبل كل شيء، والرياضي من دون تثقف وتعود على أخلاقيات جديدة لا يمكنه أن يكون قدوة في مجاله، وهذه ليست معجزة بل موجودة في ملاعبنا وملاعب العالم فهل من مقتد بالرياضيين الفنانين الأخلاقيين؟!