جمعية التنمية الاجتماعية الأهلية في عوالي المدينة المنورة تقيم برنامج "خباز البريوش والباريستا"        الجدعان: نواجه تحدي التخفيف من الاعتماد على النفط    تبوك: عروض جوية بمناسبة اليوم الوطني    السعودية.. دعم سخي لإنقاذ اليمن    يوتيوب: زدنا «Shorts» إلى 3 دقائق    ولي العهد يهنئ السلطان حسن البلقيه    خطوات متسارعة لتحقيق مستهدفات رؤية المستقبل    لمدة 5 أيام.. التعليم تحتفي باليوم العالمي للمعلم    15 يوماً مهلة لضبط أقوال مخالفي أحكام نظام إمدادات الطاقة    القضاء في العهد الزاهر.. استقلال ومؤسسية وعدالة ناجزة    ذكرى البيعة    جامعة الطائف تقيم معرض «اسأل صيدلي»    احموا أطفالكم.. لا تعطوهم الجوال    5 معادن «تُحصّن» جسمك من عدوى الفايروسات    أكبر الفعاليات العالمية في قطاع النقل الجوي .. المملكة تشارك في معرض ومؤتمر "روتس وورلد 2024"    من الراحة إلى الأمان    مركز الملك سلمان يكثف مساعداته الإغاثية.. المملكة تواصل جهودها الإنسانية الرائدة في العالم    جهود مكثفة    ضبط (22094) مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود في مناطق المملكة خلال أسبوع    " النقل" تعتمد شرؤوط تأهيل مراكز التدريب والاختبار للسائقين    خط دفاع من الاندثار والفناء.. مهتمون وناشرون: معارض الكتاب تحافظ على ديمومة «الورقي»    محبو العلوم    حضور غفير لمسابقة "مثايل".. إبداعات شعرية على مسرح معرض الرياض    الاختراق    ضمن تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يبدأ الاستعداد لمواجهتي اليابان والبحرين    بحث مع الوزير الفرنسي المستجدات .. وزير الخارجية ونظيره المصري يؤكدان التضامن مع الشعب اللبناني    دورة الألعاب السعودية والآمال    امرأة تعطس لمدة أسبوعين بلا توقف    طريقة عمل سلطة الأفوكادو بالطماطم    سياسيون مصريون ل«عكاظ»: السعودية قوة سياسية إقليمية وعالمية    تحولات نوعية.. نمو مستدام.. البطالة لأدنى مستوى تاريخي    خالد العيسى: من الصعب الفوز على 12 لاعب من الهلال    إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية الجنوبية لبيروت    «صُنّاع الحداثة والتنوير والتنمية».. إصدار جديد للدكتور عبدالله المدني    حفل لندن.. باهر ولكن !    سباق الملواح..    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد فوز الهلال على الأهلي    ما هي الرجولة؟ وكيف نعرف المرجلة؟    نصر جديد مع بيولي    الشركات العالمية.. تتجاوز المستهدف    سعود بن نايف: الملك جعل همه الأول الوطن والمواطن    حكمة ملك وازدهار وطن    فلاتة يخطف ذهبية المصارعة    المملكة تشارك العالم في الاحتفاء بيوم المعلم    السياحة تطلق تقويم «شتاء السعودية»    «هيئة العقار» تعلن بدء أعمال السجل العقاري ل 26 حيّا بمدينة الدمام و14 حيا بمحافظة الخبر    غارات جديدة على الضاحية.. واشتباكات بين حزب الله وقوات إسرائيلية    ذكرى غالية ومجيدة    الإدارة العامة للمجاهدين تشارك ضمن جناح وزارة الداخلية في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024 بمَلْهَم    ضبط شخص في جدة لترويجه (8) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر    تقدم مستدام واقتصاد متجدد 10 سنوات من الحكم الرشيد تطلق النمو الاقتصادي وتحقق التنمية    الألفة مجلبة للتعاون على البر والتقوى    المدبر هو الله.. لا تقلق    وزير الحج يستقبل وزير السياحة والآثار المصري    "سلمان للإغاثة" يدشّن مشروع توزيع المساعدات الغذائية للأسر الأكثر احتياجًا في جمهورية قرغيزستان    ترامب: على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة الحرب وحكاية الحب
منطق الغيم
نشر في الرياض يوم 12 - 00 - 2013

الذي يكتب التاريخ هو مراسل حربي، فقد اعتدنا أن مدونة التاريخ محتشدة بأخبار المعارك والفتوحات، الملوك والممالك، الجيوش والفرسان، جميعها بالطبع ترصد وفق ماجاء في حكاية المنتصر، لكن الشكل التقليدي النمطي لكتابة التاريخ لايتوقف عند الأفراد المغمورين، أو النجباء الموهوبين أو أي من أولئك المهمشين الذي قد يتوارون في الظلال، فهو مشغول بالوقائع الكبرى.
وأعتقد أن بروتكول الثكنة العسكرية التي كتب من داخلها التاريخ، هو الذي صنع في تركيا الآن ثورة كبيرة على المسلسل التاريخي الذي يدور حول حياة الخليفة العثماني (سليمان القانوني) ويقال إن هناك آلاف الشكاوي رفعت ضد المسلسل الدرامي لتجاوزات تاريخية وتحريف بسيرة السلطان، انتهت بتصريح للرئيس التركي (أردوغان) حول استيائه من بعض أحداث المسلسل، وكأن المسلسل خدش عنفوان امبراطورية بني عثمان كما يراها الترك في مخيالهم الجمعي.
ولربما لأن المسلسل يظهر الخليفة القانوني بجميع أبعاد شخصيته الإنسانية سواء كقائد منتصر أو محارب حائر أو عاشق منكسر، فمتطلبات الدراما تختلف حتما عن الفيلم الوثائقي التاريخي، والدراما لها اشتراطاتها وجماليتها، ومن أهم هذه الشروط صناعة شخصيات ناضجة متكاملة بجميع تفاصيلها وأبعادها بحيث تقنع المشاهد وتستحوذ على انتباهه، وبما أن المصادر التاريخية تغفل الكثير من الأبعاد الإنسانية المتفاوتة في الشخصيات على حساب (وغي المعارك) وقعقة السيوف، فإن كاتب المسلسل الدرامي لابد أن يتدخل هنا ليملأ هذا الفراغ من خياله؛ لذا لانتوقع أن تكون الدراما هي محض حقائق تاريخية توثيقية، و لابد أن يتطفل الكاتب الدرامي هنا وهناك ببعض التحوير شرط أن لايزوّر أو يصطنع أحداثا مغلوطة.
كاتبة المسلسل هي الكاتبة التركية (ميرال أوكاي)، وعندما تصنع امرأة الدراما فهي حتما ستقلص أخبار المعارك و بروتكولات الحرب، وستستدني تفاصيل أكثر رأفة وإنسانية، وستخبر عن النساء في الغرفات الخلفية المغفلة داخل الحرملك، وتستنطق الشخصيات المهمشة، وستسلط الضوء على الصراعات التي وإن كان لم يشر لها التاريخ إلا أنها أسهمت بشكل كبير في صناعته والدفع بعجلة أحداثه.
وعندما كتبت الكاتبة الأمريكية (مرغريت ميتشل) روايتها الرائعة (ذهب مع الريح) والتي تدور أحداثها حول الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 بين الشمال والجنوب الأمريكي، لم تكتب عن تفاصيل المعارك، ولا عن بنود المعاهدات الحربية، ولم تكتب عن عدد القتلي أو الأسرى، بل اختارت أن ترصد في روايتها قصة حياة عائلة جنوبية إقطاعية (عائلة أوهارا)، وعن انعكاس الحرب الأهلية على هذه العائلة وأفرادها، مع حرص المؤلفة على رسم الشخصيات بحرفية مهنية متميزة، بحيث استطاعت الروائية أن تسير بالأحداث بشكل متماسك وأيضا مشوِّق وممتع، ولم توظف المادة التاريخية إلا فقط كأرضية للأحداث أو بقدر مايحتاجه السياق الدرامي.
الرواية مثلت فيلما حقق نجاحا كبيرا وقتها، ويعتبر من أهم كلاسيكيات السينما العالمية الآن.
فاللغة الدرامية هي شيء مختلف تماما عن الحدث التاريخي، بالاضافة إلى أن العين الدقيقة الراصدة للمرأة الروائية أو الكاتبة تختلف عن تلك التي يكتبها التاريخ ذو النبرة الذكورية، فالمرأة عندما تعيد كتابة التاريخ هي حتما تدوِّن حكاية الحب وصناعة الحياة، بينما الرجل قد يهتم بسيرة الحرب ومهام المراسل الحربي.
لذا لربما يحاط مسلسل السلطان (سليمان القانوني) باستياء لأنه يخدش وقار وهيبة المؤسسة العسكرية العثمانية، ويتلاعب ببرتكول المراسل الحربي أو.. كاتب التاريخ، ولكنه يبقى مسلسلا ناجحا على مستوى الصنعة الدرامية والاستقطاب الجماهيري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.