أميل إلى القناعة أن حملة الشهادات العليا في الطب والجراحة والاستشارات وال.. (بورد) من السعوديين أمكن من الأطباء الزائرين بين حين وآخر. وهم الذين يأتون إلى بلادنا بدعوة مدفوعة من مؤسسات أهلية لفترة قصيرة يُغادرون بعدها. والقيل من البلدان تأخذ بهذا الأسلوب من تقديم الخدمات الصحية الراقية والدعوة إليها. الخريج السعودي مُتابع، أكاديميا وتطبيقا، وأكثرهم ابتعثوا من قبل مستشفيات محلية عملوا فيها وفهموا، وتحملوا أعباء ومسؤوليات. الطب بأجمله مهنة إنسانية، وشخصيا لا أسأل عن جنسية الطبيب قبل الدخول عليه، لكنني لا أُخفي ارتياحي إذا تبين لي أن هذا (البورد) الذي سأتحدث إليه عن حالتي من البيئة المحلية. تدور أخيرا أحاديث حول التوجه الداعي إلى فحص المؤهلات الطبية والخبرات في بلد المتقدمين من ذوي المهن الطبيّة، قبل منحهم تأشيرات الدخول إلى البلاد، لتجنيب المؤسسات الصحية متاعب ترحيل المستقدم عند فشله في اجتياز الفحص. قرأت في الصحافة البريطانية خبر اكتشاف طبيب يمارس مهنة الطب بشهادات أكاديمية مزورة لمدة اثني عشر عاما. في بريطانيا. كان يستقبل مرضاه ويصف الدواء ويحوّل الحالات إلى أطباء استشاريين، وكان مسجلا ضمن قائمة الأطباء المرخصين من النقابة التي اكتشفت أمره لاحقا وكتبت إلى الجامعة التي ادعى أنه تخرج فيها وجاء الجواب بالنفي، وأنه لا يوجد من بين خريجيها ذلك الاسم. وانتهت القضية بشطب اسمه من السجل الخاص بممارسة الطب، ثم أحيل إلى المحاكمة. أقول إذا كانت هذه الحالة حدثت في بريطانيا أم التنظيم المهني والنقابي ورائدة حرية الكلمة، فما عسى أن تكون عليه الحال في بلدان العرب، وكم طبيباً - تظنون - يعمل لدينا في بلادنا بشهادات وخبرات مزورة؟ ومع أن وزارة الصحة لا تسمح للطبيب غير السعودي بالممارسة إلا بعد اجتياز امتحان تشرف عليه لجنة خاصة، وقد سمعت - وأرجو أن يكون ما سمعته غير دقيق - أن الأسئلة والأجوبة يمكن أن يحصل الطبيب الأجنبي على "لمحةٍ" عنها ليذاكرها "على مهله" ثم يستحضر الأجوبة لموعد الامتحان، إذا كان من أصحاب الحظ. لأننا صرنا مجتمعا تسيطر عليه المادة والشفاعة قبل الوطنية والصدق. وأود أولا أن اختلف مع وزارة الصحة في هذه الطريقة في تقييم الطبيب فقبل الامتحان المقرر يجب أن يكون المكتب الصحي أو الملحق في السفارة السعودية في بلد الطبيب، قد استوضح من الجامعة عن اسم الطبيب المستقدم، وهل هو ضمن خريجيها، قبل إعطائه تأشيرة القدوم إلى بلادنا، ولا أرى إشكالا يكمن في هذه الإجراءات.