من العلامات والدلائل على نبوته صلى الله عليه وسلم والتي كانت عند مولده وبعده، ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى عليهما السلام، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام). "أحمد بسند صحيح". ومنها ما جاء في قصة "حليمة السعدية" (حيث أخبرت أنها لما أخذته من أمه، كثر اللبن في ثديها، ووجد زوجها اللبن في ناقته، وكثر اللبن في شياهها) . ولنعطي القوس لباريها ولندعها تتحدث بسند صحيح عن عبدالله بن جعفر عن حليمة السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته قالت (خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء في سنة شهباء لم تبق شيئا ومعي زوجي ومعنا شارف لنا والله ما إن يبض علينا بقطرة من لبن ومعي صبي لي إن ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه وإنما كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود وكان يتيما وكنا نقول يتيما ما عسى أن تصنع أمه به حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيا غيري فكرهت أن أرجع ولم أجد شيئا وقد أخذ صواحبي فقلت لزوجي والله لأرجعن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه فأتيته فأخذته ورجعت إلى رحلي فقال زوجي: قد أخذتيه فقلت: نعم والله وذاك قالت: فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري أقبل عليه ثديي بما شاء الله من اللبن فشرب حتى روي وشرب يعني ابنها حتى روي وقام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها حافل فحلبها من اللبن ما شئنا وشرب حتى روي وشربت حتى رويت وبتنا ليلتنا تلك شباعا رواء وقد نام صبياننا يقول أبوه يعني زوجها: والله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة قد نام صبينا وروي قالت ثم خرجنا فوالله لخرجت أتاني أمام الركب حتى إنهم ليقولون ويحك أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها فأقول بلى والله وهي قدامنا حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر فقدمنا على أجدب أرض الله فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا ويسرح راعي غنمي فتروح بطانا لبنا حفلا وتروح أغنامهم جياعا هالكة ما لها من لبن قالت: فنشرب ما شئنا من اللبن وما من الحاضر أحد يحلب قطرة ولا يجدها فيقولون لرعائهم ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة فيسرحون في الشعب الذي تسرح فيه فتروح أغنامهم جياعا ما بها من لبن وتروح غنمي لبنا حفلا وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في شهر ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة فبلغ سنة وهو غلام جفر قالت فقدمنا على أمه فقلت لها وقال لها أبوه ردي علينا ابني فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة ونحن أضن شيء به مما رأينا من بركته قالت فلم نزل حتى قالت ارجعا به فرجعنا به). "صحيح ابن حبان 14/244". ويتوج كل الدلائل حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم الشريف وهو ابن أربع سنين، فعن أنس رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج منه علقةً وقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم جمعه فأعاده إلي مكانه). "مسلم". وهذه الواقعة كانت من أهم البشائر على قرب مبعثه صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً فهنيئاً لأمة محمد برسولها العظيم. وحضر "حلف الفضول" وقد جاوز العشرين من عمره، وقد قال فيه بعد بعثته: (حضرت في دار عبدالله بن جدعان حلفًا ما يسرني به حمر النعم، ولو دُعيت إليه اليوم لأجبت). وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم "منذ حداثة سنه" بالصادق الأمين، وكان موضع احترام وتقدير "قريش" في صباه وشبابه، حتى إنهم احتكموا إليه عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة، حينما أعادوا بناءها بعدما تهدّمت بسبب سيل أصابها، وأرادت كل قبيلة أن تحظى بهذا الشرف حتى طار الشرُّ بينهم، وكادوا يقتتلون، فلما رأوه مقبلاً قالوا: قد رضينا بحكم "محمد بن عبد الله" ، فبسط رداءه، ثم وضع الحجر وسطه، وطلب أن تحمل كل قبيلة جانبًا من جوانب الرداء، فلما رفعوه جميعًا حتى بلغ الموضع، أخذه بيده الشريفة ووضعه مكانه."السيرة لابن هشام". والله من وراء القصد ،،، *جامعة أم القرى .