رفعوا الأصوات رافضين قيادة المرأة للسيارة، فوقعوا في التناقض بين منطقهم وواقعهم! والتناقض عند معارضي قيادة المرأة للسيارة.. يبلغ ذروته حين يجيزون لأنفسهم ما لا يجيزونه للغير.. فغالبيتهم يستقدمون خادمات دون محرم ضاربين بعرض الحائط فتوى هيئة كبار العلماء بتحريم هذا الأمر.. بالرغم من ان زوجاتهم لا يعانين من أمراض عقلية، ولا يشتكين من علل تعيقهن عن اعمالهن المنزلية !! الممانعون الذين سوّدوا الصورة وجعلوا قيادة المرأة للسيارة بوابة إلى الرذيلة وانتشار الفاحشة، غافلين عن التحولات الهائلة اقتصادياً واجتماعياً في مجتمعنا المحلي، وباتت تفرض واقعاً مغايراً عما كنا نعيشه إبان العقود الأربعة المنصرمة. كيف غاب عنهم سلبيات السائق الأجنبي الذي اخترق المحاذير الشرعية في الخلوة المحرمة وقوّض المحاذير الأخلاقية والأمنية..؟ بما ثبت من وجود بعض جرائم الاغتصاب وتحرش بالنساء.. كانت بسبب استغلال أولئك السائقين لظروف من يعملون في خدمتهن! كيف فات على المرتعدين من قيادة المرأة للسيارة تلك الكلفة الاقتصادية المرهقة للكاهل، والتي تضيف لميزانية الأسرة نزفاً شهرياً يقترب من 2700 ريال، وهي مبالغ تشفط نصف رواتب بعض المعلمات.. مقابل تأمين مشوارين فقط لذهابهن للعمل والعودة للمنزل!! أضف أن هناك 800 ألف من المدرجين بقائمة الضمان الاجتماعي لن يتحملوا الكُلفة الاقتصادية لاستقدام سائق يعينهم على قضاء حوائجهم، فضلا عن كل ذلك، تبرز عوامل أخرى ضاغطة.. تفرض سطوتها على الحياة، مثل رفض الكثير من المؤسسات خروج موظفيها لإيصال أطفالهم من المدرسة وإليها، ومثل التحولات الحضرية في المساكن الحديثة والتي باتت لا تتحمل إضافات تخنق المساحة المتاحة وتقتطع منها غرفة بمنافعها للسائق الأجنبي. التيسير على الناس سنة من السنن، والمفترض مراعاة ظروف الأسر والمسألة بأكملها اختيارية لمن أراد، وتطوير الأنظمة كفيل بردع المتجاوزين.. حال ظهور سلبيات من التجربة.. طالت الغفوة وحان الوقت لنعيش واقعنا بما يتناسب مع مستجداته..