جاء محمد من توغو- تلك الدولة التي تقع غرب أفريقيا- لا يعرف اللغة العربية، لكنه يحمل أسرارها يحمل في صدره - القرآن الكريم - لم يكن يتخيل يوماً أنه سيقوم بتلاوة القرآن الكريم أمام الكعبة المشرفة، وفي هذا الجو الروحاني المهيب. ولم يدر بخلده يوماً أنه سيكون في هذه البقعة الشريفة المباركة لولا هذا السفر الإلهي الذي يحمله في وجدانه ويشرق به وجهه ويضيء به طريقه من خلال ما حفظه من كتاب الله العظيم، إنها أحداث كما الأحلام - حدثت لمن شارك في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم التي نظمتها بكل اقتدار، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في بقعة هي مهوى الأفئدة ومنار القلوب ومأرز الإسلام وقلب العروبة النابض. لم يكن من السهل لأي مشارك أن يصل إلى هذا المكان وإلى هذا الموقع قبل أن يدخل في تصفيات توصله إلى المسابقة النهائية أمام الكعبة المشرفة،كما أقيمت دورات متخصصة للمحكمين،الذين تقع على عاتقهم مهمة التحكيم، إضافة للمحكمين في مسابقات القرآن الكريم الأخرى. كانت هناك نماذج عدة تتسابق يملؤها شعور بالروحانية، من كافة أصقاع العالم،فليهب أحدنا مكان أحدهم ،كيف سيكون شعوره وأحاسيسه، وكيف ستكون الانطباعات الهائلة التي سيرجع بها إلى بلده وما هو شعور مجتمعه وما حجم الأمنيات التي تراود الكل في تلك البلاد من أجل الوصول إلى هذا الشرف، وصدى ذلك عند غير المسلمين،الأمر الذي يعد وسيلة من أنجع وسائل الدعوة إلى الله وأقواها تأثيراً، كيف لا ووسيلتها القرآن العظيم. هذا المثال يمكن تطبيقه على العديد من المشاركين الذين جاؤوا من كافة أصقاع العالم. وتعد مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم، إحدى الأنماط والجهود التي تبذلها الوزارة وتنطلق من سياسة الدولة للعناية بالإسلام وشؤونه، ومنها تلك العملية التوعوية الاعلامية الرائعة التي سبقت الحج وتلك المطبوعات التي تم توزيعها باللغة العربية واللغات الأخرى، والمشاركات الفاعلة في شتى وسائل الإعلام. وحينما قدر لي مقابلة وزير هذه الوزارة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ -حينما أرسلت إليه حول ما وفقني الله به من اكتشاف نقش الامام ابن ماجة،وذلك لاختصاص معاليه بهذا الموضوع حيث قام بتحقيق سنن الإمام ابن ماجة، فطلب مقابلتي -اكتشفت تواضع الرجل، حينما ترك مكتبه وجلس معي يبحث أمور النقش وحياة هذا الإمام الجليل، وكانت الاستفادة من ملاحظاته حيث أضاف الى البحث فائدة جليلة بتوضيحه أن ماجة اسم والدة الامام وبها اشتهر، ثم ان معاليه وجه بطباعة البحث من قبل الوزارة. إن هذا الدور الذي تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من دعم الحركة العلمية يمثل رافداً مهماً من روافد الفكر في هذه البلاد المباركة. التي تقوم بتشجيع العلم ودعمه، منذ الاتفاق التاريخي بيد الامام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1157ه واستمر هذا النمط في الدولة السعودية الثانية ثم في عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله وأنجاله إلى العهد الزاهر الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في حلقات متصلة مترابطة تهدف إلى خدمة الاسلام والمسلمين والعلم وأهله. وهاهي وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف تقوم بأداء دور متميز في هذا المجال. لا نستطيع من خلال هذا المقال الإحاطة بكل ما تقوم به الوزارة بهذا الشأن. *جامعة جازان