يدرك كثير من أهالي محافظة جدة أن مسألة تدارك الخلل، ودفع ثمن تعطيل مشروعات البنية التحتية في سنوات خلت، يتطلب أن يتحمّلوا ما يحدث حالياً من أعمال حوّلت عروس البحر الأحمر إلى ورشة عمل كُبرى، ولكن ذلك لم يبرر تزايد الحفريات في شوارع تكرر فيها المشروعات عدة مرات، مما سبب هدراً مالياً كبيراً، وضعفاً في جودة التنفيذ، كون بعض الشركات تأتي لتهيئة أرصفة الطرق، وتجميلها وزراعتها، ثم تأتي بعدها حفريات أخرى تفسد معظم ما سبق تنفيذه، وربما تصلح ما أفسدته بجودة أقل، وربما تترك الحبل على الغارب، دون وجود تنسيق وتخطيط بين الجهات الخدمية، فضلاً عن المتابعة والمحاسبة، وسط غياب تنفيذ المشروعات وفق أولويات محددة تجعلها مكمّلة لبعضها لبعض. حفريات مستمرة تربك السائقين من دون لوحات إرشادية كافية نخيل متساقط يتم حالياً في عدد من تقاطعات طرق محافظة جدة تنفيذ العديد من الجسور والأنفاق؛ لفك الاختناقات المرورية، تنفيذاً لمطالب ملحة؛ لمواجهة الأعداد المتزايدة في وسائل النقل والنمو السكاني في المحافظة، ويشهد تقاطع طريق حراء مع طريق الملك فهد -الستين- تنفيذ أحد هذه المشروعات، ولكن الشركة المنفذة استهلت عملها في خلع النخيل والأشجار على قارعة الطريق، وتركتها مرمية حتى أصبح السيارات تسير بين أعجاز نخل خربة؛ دون نقلها، أو حتى الإفادة منها في مواقع أخرى. نخيل خلع وبقي مهملاً على قارعة الطريق (عدسة- محسن سالم) وتأسف "د.طلعت عطار" -مستشار حقوقي- على مصير نخيل مضى على زراعتها سنين طويلة، وكلفت مبالغ طائلة، ساهمت في تجميل محافظة جدة، وتقليل نسبة التلوث، مبيناً أنه كان من الأجدى نقلها بعد خلعها وزراعتها في شوارع أخرى، أو حدائق لم تُزرع بعد، مطالباً أن يتم تكليف الشركات المُنفذة للمشروعات أن تعيد زراعة الطرقات، والأهم من ذلك هو إعادة تنفيذ الأرصفة بجودة عالية، وليس كما يتم الآن، حيث إن بعض الأرصفة تهشّمت ولم يمض على تنفيذها سوى شهور قليلة. تعثّر المشروعات يعطل الحركة المرورية تنسيق غائب واقترح "م.يوسف صعيدي" إنشاء "هيئة عُليا" لمحافظة جدة؛ بحيث تضع الاستراتيجية المطلوبة لتنفيذ مشروعات البُنية التحتية في المحافظة، إلى جانب متابعة التنفيذ منذ بدايته إلى نهايته، وتقف على مستوى الجودة في جميع مراحل التنفيذ؛ لأن المشكلة التي تعاني منها "جدة" الآن هي عدم التخطيط السليم للمشروعات، وعدم وضع دراسة سليمة للتنفيذ، وغياب التنسيق وتنظم عمل كل مرفق حتى يتم إنجازه في وقت محدد، إلى جانب الحفاظ على المال العام من الهدر غير المبرر، ذاكراً أن كثيرا من الشوارع يتم إعادة سفلتتها ورصفها أكثر من مرة، ونجد الآن أنه يُعاد حفرها وتدمير كل ما سبق تنفيذه من ترصيف وسفلتة وتجميل. وقال إن بعض "الكباري" التي تم افتتاحها مؤخراً لم تسهم في تخفيف الازدحام المروري بالمناطق التي أنشئت فيها؛ لأنها أقيمت دون دراسة سليمة أو تخطيط سليم، مستشهداً بما جرى في تقاطع طريق المدينة مع ولي العهد، حيث إن المفترض أن يكون النفق المُنفّذ يعالج مشكلة انسيابية في الطريق ويحل مشكلة وجود إشارة في التقاطع، ولكن شيئاً من هذا لم يتحقق، ومازالت المشكلة موجودة على الرغم من تنفيذ نفق كلّف مبلغا كبيرا، ولكن لم يحل المشكلة الأساسية في التقاطع نفسه. مشروعات تصريف مياه السيول بحاجة إلى سرعة إنجاز مشروعات متكررة بدأت إحدى الشركات حالياً في حفر الشارع الموازي لطريق المدينة غرب "كوبري الصالة الملكية" على الرغم من أن هذا الشارع قد أشبع حفراً وتكسيراً، إلاّ أن الشركة الجديدة ربما تعالج أخطاء وقعت في الأعمال السابقة وفق ما يتوقعه بعض سكان حي "المحمدية2"، متسائلين عن سبب مسارعة الأمانة قبل شهور قليلة ب"بلاطة" الرصيف ملوناً، فضلاً تغطية جزء من المنطقة المائلة في الشارع ب"خرسانة مسلحة" كلّفت مبالغ تتطلب مزيداً من الشفافية تجاه مشروعات تتناوب على مواقع محددة. واستغرب "عدنان فقيها" غياب الكفاءات الوطنية عن الإشراف على العمالة في المشروعات؛ كونهم يملكون ضميراً أشد حرصاً على وطنهم، في الوقت الذي يبحث عنه خريجو كليات الهندسة وغيرها عن وظائف دون جدوى، متسائلاً عن مدى إلتزام الشركات بالمعايير الفنية والهندسية، مطالباً بإجبار الشركات على استقطاب مهندسين مواطنين يشرفون على المشروعات ميدانياً، ويمنحهم خبرة أكبر. مدينة جدة بحاجة إلى هيئة عليا للتطوير أسوة بمدينة الرياض متابعة ومحاسبة وذكر "م.خالد حسناوي" أن بعض المشروعات في "جدة" يتم إنجازها بمبالغ باهظة، وفجأة تتبعها مشروعات المواقع نفسها، وتدمّر كل ما تم بناؤه في غمضة عين، مستشهداً بالمنطقة الزراعية حول "الكوبري" المقابل ل"سوق العرب"، حيث تم تطوير هذه المنطقة، وإنشاء شبكات ري، وزراعتها، وتبع ذلك أعمال حفر دمّرت ما تم تطويره بالكامل، مما شكل ظاهرة في كثير من أنحاء المحافظة؛ مطالباً بإيجاد تخطيط أفضل، وتنسيق أكبر بين كافة القطاعات، دون أن يعمل كل منها على هواه؛ كون ذلك يحافظ على المال العام من الهدر، داعياً إلى إيجاد لجنة لمتابعة ومحاسبة ما تم إفساده من مشروعات، إلى تقنين أعمال الحفر بأيام محددة، دون أن تأتي شركة تحفر شارعاً وتتركه شهوراً دون إصلاح، وكأن الأضرار والتشويه الذي حصل لا يعنيها. مشروعات البنية التحتية تتطلب تنسيقاً ومتابعة أكبر ودعا إلى أن يكون للمهندسين المواطنين وجود أكبر، بأجور مجزية، للإشراف على مشروعات البنية التحتية المزمع تنفيذها؛ حمايةً لهذه المشروعات من التلاعب في المواصفات، وسوء التنفيذ، كون بعض المشروعات (وخاصة شبكات الصرف الصحي)، تشهد كثير من الملاحظات الفنية لاسيما في توصيل الأنابيب بعضها البعض، وتلك أخطاء سيكون ثمن إعادة إصلاحها مكلف جداً في القريب العاجل -على حد قوله-، مبيناً أن الإصلاح يكون في بعض الأحيان أكثر كلفة من قيمة التنفيذ. عبّارات تصريف المياه ما زالت تعيق حركة السير وقال: "هناك حلقات كثيرة مفقودة في طريقة تنفيذ مشروعات البنية التحتية، وكأننا لم نستفد من الأخطاء التي وقعت في السابق وشوّهت كثير من المشروعات في بلادنا، وهذه لن يتم علاجها إلاّ بالمتابعة والمحاسبة لكل من يتجاوز في تنفيذ المشروع أو يتلاعب في مواصفاته ولا بد من الثقة في ابن البلد وإعطائه الفرصة للإشراف والتواجد في جميع المشاريع التي تعتمدها الدولة وتنفذها الشركات بالمليارات؛ حتى يكون المهندس السعودي مُلمّاً بتفاصيل المشروع، وقادراً على تدارك أي خطأ فيه في الوقت المناسب؛ خاصة أن معظم هذه المشروعات يتم تنفيذها من قبل عمالة وافدة معظمها غير مؤهلة بالصورة المطلوبة.