تكرار ما يذكر في الإعلام تجاه الأخطاء والملاحظات والقصور العملي تجاه العديد من المشروعات الخدمية أمر يحز في النفس، فما هو الحال إذا كان متكرراً باستمرار، بل ويزداد سوءاً، وكأن دور السلطة الرابعة هو "النفخ في قربة مشقوقة"، دون أن يحظى باهتمام مسؤول يجتهد لتصحيح أخطائه، في وقت تمنح الدولة بسخاء لكافة الخدمات التي تهم المواطن بمليارات الريالات، ثم تأتي السلطة التنفيذية أقل من الطموحات وما يتمناه المواطن.. في التحقيق التالي نناقش تكرار الأخطاء في المشروعات الخدمية دون محاسبة وذلك في معظم مدن المملكة، و"جدة" نموذجاً. أحدث أساليب الرصف لدى مقاولين غابت عنهم الرقابة ضعف رقابة وأكد "د.جمال عبدالعال" -عضو هيئة التدريس في قسم التخطيط بكلية العمارة وتصاميم البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز- على أن أي مقاول يتولى تنفيذ مشروع خاص بالبنية التحتية لأي جهة من الجهات المعنية؛ لابد أن يحدد مدة إنجاز العمل الذي ينفذه، وأي تأخير أو إخلال بمواصفات المشروع يجب أن يحاسب عليه، مشيراً إلى أن تجاوزات المقاولين تتكرّر؛ مما يكشف ضعف الرقابة والمتابعة لأعمال هذه الجهات التي دأبت على عدم الاهتمام بمشروعاتها وما تسببه من تشويه للشوارع والأحياء، ومضايقة وإزعاج للمارة. خطر الحفريات استدعى المارة أن يحاولوا دفنها وملأها بالأحجار إهمال متواصل وعبّر عدد من المواطنين عن استيائهم تجاه بعض الجهات الخدمية التي تترك مشروعاتها دون إكمال؛ كتكسير الأرصفة وتركها دون إصلاح، واقتلاع المزروعات وتركها بلا إعادة زراعة، وتشويه الحدائق، وملء الشوارع بالحفريات والسفلتة السيئة لفترة طويلة دون إنجاز لفترة طويلة. وأشار "بسام العنزي" أن ما يحدث في "جدة" من عبث في الحفريات، أمر يشعرك أن المتابعة والمحاسبة لهذه الشركات غير موجودة من قبل الجهات المعنية، وأن هذه الشركات لم تعد تخشى حساباً أو عقاباً. وأشار "أحمد الفياني" إلى أن تكرار أخطاء المقاولين في معظم شوارع "جدة" بمثابة استفزاز لصبرنا من خلال كثير من الأخطاء المماثلة في أغلب الشوارع، حيث إن المقاول يأتي ويحفر شارعاً ثم يتركه شهوراً على الرغم من أن سدّ تلك الحفرة لا يحتاج إلا أياماً لا تزيد على أسبوع، دون أن تحرك الجهة التابعة لهذا المشروع ساكناً تجاه تدارك هذه الأخطاء، ثم محاسبة من يتسبب فيها من شركات المقاولات، منوّهاً أن تلك المشروعات المتعطلة ضاعفت الزحام المروري الخانق في شوارع "جدة" التي لم تعد قادرة أصلاً على استيعاب الأرتال الكبيرة من السيارات. رصيف شارع الأمير سلطان بقي مهملاً منذ أكثر من عام ونصف ويرى "عبدالرحمن الرفاعي" أن أغلب مشروعات البنية التحتية تتم بشكل أقرب للفوضى -على حد تعبيره-، إذ تجد بعض شركات المقاولات حفرت شارعاً، وقبل أن تكمل العمل فيه انتقلت إلى موقع آخر وتركت حفرياتها السابقة مفتوحة دون إنجاز، وتبقى تلك الحفر مفتوحة فترة طويلة دون مبرر؛ مما جعل الأحياء والشوارع في جدة مليئة بالحفريات والحواجز الخرسانية، مبيناً أن عبارات الاعتذار التي كانت تضعها بعض الشركات عندما تبدأ الحفر في أحد الشوارع لم يعد لها وجود في الكثير من أعمال الشركات؛ لأنها فيما يبدو لم تعد تهتم بما تسببه للناس من إزعاج لأنها لا تجد من يحاسبها على هذا العبث المتواصل -على حد قوله-. وامتعض آخرون من بدء مشروعات لا يتم إكمالها، مثل الطبقة الخرسانية المنفذة على جزء من طريق المحمدية المحاذي لطريق المدينة؛ لمنع إنجراف التربة، حيث نفذ جزء منها، وتوقف العمل في بقية الشارع، إلى جانب عدد من الشوارع داخل الأحياء، حيث ينفذ جزء من مشروع الترصيف، ويترك الجزء الأكبر مهملاً!. أكثر شوارع جدة أصبحت مشوهة بفضل مشروعات لم تستكمل بعد غياب المتابعة وحدّد "د.طلعت عطار" -مهتم بالشأن الاجتماعي- أسباب تكرار الأخطاء من قبل شركات المقاولات، وأبرزها عدم المتابعة من قبل الجهات المعنية بمشروعاتها، فمعظمهم يمنحون المقاول إذناً فيما يتعلق بأعمال الحفريات وتتركه يحفر ويدفن على كيفه دون التأكد فيما إذا كان الدفن قد تم وفق الطرق السليمة؟، أم لا، كما أن المقاول إذا أخذ الأذن بالحفر فإنه ينفذ العمل بالطريقة التي تعجبه، ولهذا نجد أن جدة امتلأت شوارعها بحفريات تظل مفتوحة شهوراً. وشدد على ضرورة تفعيل دور لجنة تنسيق المشروعات في جدة؛ لأن المشكلة من معظم الإدارات ذات العلاقة، بحثاً عن إشراف مباشر على المشروعات، ومحاسبة المقصرين في تنفيذها بالطريقة الهندسية السليمة من المقاولين والشركات. وقال إن الأمثلة كثيرة على الأعمال التي يمكن تنفيذها وإنجازها في أيام أو أسابيع وتبقى فترة طويلة دون انتهاء منها ترصيف بعض الأجزاء من شارع الأمير سلطان، وكذلك الحفريات الموجودة شرق مجمع سوق العرب، وغيرها من الحفريات في معظم أنحاء جدة، إلى درجة لا تجد فيها حياً أو شارعاً في جدة خالياً من تلك الحفر. كان هنا رصيف واختفى بفعل فاعل كثافة السيارات ويعزو "م.هشام عابدين" -مستشار في أمانة جدة سابقاً- مشكلة زحام شوارع جدة إلى عدة أسباب؛ أبرزها كثرة السيارات، وخاصة السيارات العائلية الكبيرة والتي تسير غالباً ولا يوجد بها سوى شخص واحد، إضافة إلى الشاحنات، وسيارات توزيع البضائع على المتاجر وغيرها، داعياً إلى تحديد وقت في الساعات المتأخرة من الليل لشاحنات النقل؛ حتى لا تزيد من زحام الشوارع، مبيناً أن سلوك السائقين له دور كبير في خلق كثير من المخاطر في الشوارع، كالوقوف الخاطئ، والدخول المفاجئ من الشوارع الفرعية للشوارع الرئيسية، وقال إن وضع شوارع "جدة" بهذه الشكل من الزحام والاختناق المروري مؤسف على الرغم من أن أكثر من (50%) من شوارعها أصبحت مغطاة بالكباري والأنفاق، بيد أن الحاجة أكبر إلى وسائل النقل العام التي ينتظر أن تسهم في الحد من أعداد السيارات المتزايدة عاماً بعد آخر. مساحة مخصصة لزراعة النباتات وتحولت لمرمى نفايات حدائق بلا شجر واستغرب "هشام حداد" من عدم الاهتمام بالحدائق والمسطحات الخضراء في "جدة"، لا يلبث أن تتم زراعة حديقة إلاّ وتصبح بعد أشهر قليلة أكواماً من التربة بعد أن يبست الأشجار، نظراً لعدم الاهتمام بها ورعايتها، على الرغم من أن معظم المساحات المخصصة كحدائق هي عبارة عن أراض بلا شجر في ظل وجود ميزانية في الأمانة مخصصة للحدائق والتجميل، ولكن لا أثر لها في غالبية الأحياء التي تعاني من غياب المسطحات الخضراء فيها. د.طلعت عطار رعاية تطوعية وذكر "محمد المغربي" أن معظم الحدائق والمسطحات الخضراء التي لا زالت قائمة في جدة تتم المحافظة عليها من قبل بعض المواطنين و"لجنة أصدقاء الحدائق في جدة"، وهي لجنة شعبية يشارك في تمويلها بعض الموسرين من مواطنين ومؤسسات خاصة، متمنياً أن تتبنى البلديات الفرعية التابعة لأمانة جدة مشروعاً لزراعة مسطحات خضراء، إلى جانب تفعيل إنشاء الحدائق في الأحياء. هشام حداد محمد مغربي