تصريح السيد الأخضر الإبراهيمي في دمشق عن "الحكومة الانتقالية في المرحلة القادمة" يعد النهاية الفعلية لحكم بشار الأسد، واعلان اممي صريح بأن الثورة السورية وصلت لأهدافها التي قامت من أجلها، فهذه المرة الأولى التي لم يدن بها مبعوث الأممالمتحدة العنف المتبادل بين الطرفين، أو يدعو للحوار للتوصل الى اتفاق يضمن مصلحة الطرفين.. هذا الانتصار المحقق يحسب للقوة العسكرية التي تعمل في أرض المعركة، وصمود الشعب السوري في الداخل، فالانتصار يكاد يكون بقوة ذاتية شعبية، أكثر منه انتصاراً جاء بمساعدة اجنبية. فالشعب السوري اليوم هو سيد موقفه، وهو القادر على بناء المرحلة الانتقالية السياسية، فشعب عرف كيف يدير معاركه المسلحة مع أكثر الأنظمة دكتاتورية، وقمع لن يعجز عن وضع آليات حكم سياسية تضبط مرحلة التحول السياسي وتضبط السلاح، وتمنع صعود الاجندات السياسية، فهذا الشعب كان علامة بارزة في تاريح الشعوب المكافحة من أجل الحرية والكرامة، فالمعروف أن الثورة السورية لم تقم من أجل اعتبارات طائفية أو حزبية، ولا من أجل تحقيق أطماع سياسية لأغلبية اكتشفت بعد الثورات العربية انها قادرة على التغيير، قامت من أجل كرامة الشعب ولتحقيق الحرية لجميع أطيافه السياسية والعرقية. فالثورة التي كان وقودها أكثر من 50 ألف شهيد ومئات من الآلاف من الجرحى، وأكثر منهم مشردين، لم تكن ثورة أطماع سياسية، بل ثورة كرامة. الطفل السوري الذي يزحف للوصول إلى رغيف خبز يقدمه لأمه الصامدة في منزلها التي طالته قذائف القصف، لا يبحث عن مقعد له في سلطة الحكم، ولكن يريد الأمن لأمه التي حمته بأحضانها من قصف طائرات الشر، فمثل ما كانت مشاهد الأطفال في الحياة والموت في سوريا هي الوقود الحقيقي لاستمرار الثورة، يجب أن تكون مشاهدهم وهم في مقاعد الدراسة، واللعب أمام منازلهم الصورة التي تعمل السياسة على حمايتها من أطماع الحالمين بالمكاسب السياسية. الشعب السوري بعد عامين من الكفاح هو من يجب أن يقدم الدرس للتاريخ لا أن يتلقاه، فالثورة التي تسعى للانتقام سوف تنتج بعد انتصارها ثورات مضادة وتدخلات خارجية، تمسح كل صور الشرف والتضحية التي استمرت عاماً ويضاف له عام آخر تذكر العالم بأن هذا الشعب صنع من دمه سلاح انتصاره على أكبر طغاة العالم، فالانتقام من المهزوم هزيمة.. فالانتصار المشرف هو ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فالضعيف حفظ له حياته، والعزيز أقعده في مكانته المستحقه بين قومه. فأنا أستغرب من بعض الكتاب الذين يسمون المنشقين عن نظام بشار الأسد في الآونه الأخيره بمنشقي ربع الساعة الأخيرة، وكأنهم يقولون لا حاجة للثوار لانشقاقكم، هذا التوجه يعد بداية لإحياء روح الانتقام، لتتحول الحياة بعد ذلك لطلب الثأر، والملاحقات والتصفيات التي لا تنتهي، فالكرامة والنصر الشريف يطلبان من الجيش الحر الشريف أن يعلن من الآن عن ترحيبه بكل منشق، ومغفرته الوطنية لكل من شارك النظام مكرهاً في قتل اشقائه، ثورة الكرامة يجب أن يؤطرها التراحم والتسامح، لتكون سوريا بلد الشهداء والمتسامحين في حقوقهم من أجل بناء الوطن.