ما يدور بين المرشحين لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد وخالد المعمر بمثابة معركة انتخابية بامتياز؛ إذ تحضر فيها كل أدوات المعارك الانتخابية التي نشاهدها في الانتخابات صورها وأنماطها، وبذلك تمر الكرة السعودية بمنعطف حضاري تاريخي، وهي التي عاشت سنوات طويلة بين اتحادات معينة، وأخرى نصف معنية ونصف منتخبة. إحدى صور مشهد المعركة الانتخابية ما نشاهده من حالة اصطفاف واضحة في الوسط الرياضي، فالأندية، والإعلام، والجمهور منقسم بشكل من السهولة تمييزه، والانقسام مبني في معظمه على الميول، والعلاقات الخاصة، وعلى الإقليمية أيضاً، وقليل بل يكاد ينعدم الانقسام على المشروع الانتخابي لكلا المرشحين، فالفرز بدأ يستجلي حتى قبل أن يعلن عيد وابن معمر برنامجيهما، وهو ما يؤكد على حقيقة أن الخيار هو الشخص وليس المشروع، وهذه الحقيقة وإن أعطت شكلاً سلبياً للآليات الديمقراطية، لكنها تعبر عن واقع الانتخابات في كل العالم. هذه الحقيقة المسلّم بها تفرض علينا التصالح مع الواقع وهي أن الانتخابات لا تسوق لكرسي القرار الأفضل بالضرورة، وإنما تأتي غالباً بمن يتوافق عليه الأغلبية، لكن دور أصحاب الفكر والمتنورين في وسطنا الرياضي مسؤولية توجيه بوصلة الاختيار نحو المرشح الذي يرونه الأفضل، والأفضلية ليست بالمطلق، وإنما من بين المترشحين، حتى وإن كان الخيار من بينهما على طريقة أحلاهما مر!. في انتخابات أحمد عيد وخالد المعمر لا يبدو تمييز الخيار الأفضل بالنسبة لأعضاء الجمعية العمومية صعباً؛ لكنه أيضاً ليس بتلك السهولة التي يمكن تصورها، فأحمد عيد لا يمكن لأحد أن يقلل من ثقل تجربته الرياضية لاعباً ومسؤولاً، على الصعيد المحلي والدولي، مع النادي الأهلي أو الاتحاد السعودي، رغم حضوره السلبي في تجربته الأخيرة كرئيس للاتحاد المؤقت، في المقابل فإن أحداً لا ينكر أن خالد المعمر طاقة إدارية شابة ذات خلفية رياضية، وقد مر على قِصر سنين حياته الرياضية بتجارب ثرية، إذ يكفيه تميزاً أن يتسابق على الفوز به ناديين بحجم الهلال والشباب للعمل كنائب رئيس، ونحن نعلم أن نائب الرئيس في غالبية أنديتنا هو الرجل التنفيذي الأول. الرجلان وضمن سياق المعركة الانتخابية أوجزا نظرتهما للسيرة الذاتية لكل منهما، فبينما وصف ابن معمر حينما سئل عن تاريخ عيد بأن التاريخ أوراق مطوية ما لم تترجم كواقع على الأرض، ليرد عيد بعنف حين سئل عن وجهة نظره في ترشح ابن معمر حيث قال بأنه الرجل المناسب في الوقت غير المناسب، مشيراً بذلك إلى أنه تمنى لو أنه عمل على اكتساب مزيد من التجربة قبل أن يرشح نفسه، وهذان الموقفان يفضيان إلى حقيقة أن الخيار يبدو صعباً. في نهاية المطاف لا أرى بأساً ألا يتوافق وسطنا الرياضي قبل الانتخابات على عيد أو ابن معمر فالأمر طبيعي جداً، ولكن ما ينبغي أن نتنبه إليه هو ضرورة التوافق على الرئيس الذي ستقرره صناديق الاقتراع على طريقة شئنا أم أبينا لما فيه صالح الكرة السعودية التي عانت الأمرَّين، ولا تتحمل المزيد من المرارة بالانقسام حول أول رئيس منتخب في تاريخ الكرة السعودية!.