لم يجد سكان «حي العتيبية» بمكةالمكرمة بداً من جمع رسوم شهرية؛ بهدف توفير مستلزمات صيانة مسجد الحي الذي يزيد عمره عن (55) عاماً، حيث لم تشفع له أن يحظى بقدر يسير من العناية؛ ليصبح سكان الحي أمام خيارين أحلاهما مر إما الوقوف مكتوفي الأيدي أمام سوء نظافة دورات المياه، وتسرب أنابيب الصرف، وتدلي أسلاك الكهرباء والأعطال الأخرى، أو اللجوء إلى «القطة» تحت بند «الفزعة»؛ لإصلاح ما أفسده الدهر والعابثون... ربما تكون هذه الصور والمشاهدات قواسم مشتركة في واقع كثير من المساجد في قبلة الدنيا، لكن الصورة تظهر سوداوية بجلاء في القرى، والهجر، والحارات البعيدة عن النطاق العمراني!. «الرياض» تجولت ميدانياً في بعض مساجد «مكةالمكرمة»، وكشفت واقع كثيرٍ منها، حيث أصبحت بنيتها التحتية مزرية نتيجة لإهمال الصيانة الدورية، بعدما هُمشت مبانيها، وأهملت مرافقها، وتصدعت جدرانها، إضافةً إلى عدم الاهتمام بدورات المياة التي أهملت فيها الأدوات الصحية، وأصبح بعضها مرمى للنفايات، فضلاً عن الكتابة على جدرانها عبارات غير لائقة. صير المتعهدين واتفق بعض أئمة المساجد على أنّ المشكلة تكمن في المؤسسات المتعهدة بصيانة المساجد وملحقاتها، حيث أوكلت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف نظافة المساجد إلى مؤسسات نظافة وصيانة، وتلك المؤسسات توفرعمالة لكل مسجد عامل واحد، ولكن المصيبة أنّ هذه المؤسسات مقصرة في صرف مواد التنظيف وآلات غسيل السجاد، إلى جانب إهمال الصيانة بشكل عام، حتى أصبح شغل العامل اليومي فتح المسجد قبل الصلاة بربع ساعة لتشغيل المكيفات، ثم يجهز «المساويك» ليبيعها. تأخر الراتب وعند سؤال أي من العمال عن السبب الذي دفعهم لإهمال المساجد يكون الجواب أنّ المؤسسة لم تصرف له الراتب منذ عدة أشهر، متفقين على أنّ حال المساجد لا يسر في معظم الأحوال لسوء النظافة، وغياب المراقبة والمتابعة من قبل الجهات المعنية؛ مما دفعهم للجوء إلى غسيل السيارات، والبحث عن شقق العزاب، والإستراحات، لخدمتهم والحصول على ما يعوض تأخر الراتب، وقد يتمكن من شراء ما يمكنه من تنظيف المسجد، حيث إنّ وصول المشرف من قِبل المؤسسة المتعاقد معها لمعرفة احتياجاته يعقبه وقت طويل حتى تصل الاحتياجات، ولأنّ ما يجنيه العامل لا يكفيه في توفير الصيانة وأدواتها يدفع المصلون من حسابهم الخاص تكلفة الإصلاح إذا كان لا يحتمل التأخير. صيانة جوالة وتساءل «ياسر الحساني» عما إذا كانت هناك مؤسسات مخصصة لصيانة المساجد لأنّ واقع كثير من المساجد يثير مثل التساؤلات -على حد تعبيره-، مضيفاً:»مما يجعل مثل هذه الأسئلة رطبة على ألسنتنا أننا نجد المساجد الخاصة التي تدار من قبل أصحابها أكثر بهاءً وجاهزية»، طارحاً فكرة العمل بفرق الصيانة الجوالة داخل المدن، أو أن تحدد الوزارة مخصصاً للصيانة يكون في ذمة الإمام الرسمي، بحيث يتولى مباشرة أعمال الصيانة. تقصي الحقائق وقال «حسين الشنبري»:»إذا كانت ثمة مساجد في المدن وعلى شوارع رئيسة وتجارية مهملة وبلا صيانة فإنّ واقع مساجد القرى والهجر والحارات الشعبية والقديمة سيكون أسوأ؛ مما يجعلنا نطالب بملف تحقيق وتقصي للحقائق، ومساءلة للمسؤول عن أسباب تردي أوضاع كثير من المساجد التي لا تنفك الحكومة عن تقديم كل ما يجعلها في أحسن الأحوال، ورصدت الميزانيات الضخمة لعمارتها وصيانتها». سوء حال بعض المساجد يجعل أهالي الحي يجمعون «قطة» لإصلاحه رفع العبء وأضاف «جبير السلمي»: « نجمع (1000) ريال شهرياً مصروفات صيانة وتشغيل لمسجدنا بما فيها أجرة العامل، وصهريج الماء، وسحب مياه الصرف، وتوفير مياه الشرب، وتنظيف المسجد، في حين أنّ بعض المتبرعين عادةً ما يرفعون العبء عن الأهالي بتقديم مخصصات عدة أشهر دفعة واحدة». تأخير الدفعة الأخيرة وأشار «مطر العبيدي» إلى أنّ رداءة مواد البناء المستخدمة في بناء المساجد من قبل بعض المقاولين ساهم بجلاء في بروز ملامح سوء الصيانة، فعادة ما تكون الأدوات الصحية، والأرضيات، والصنابير، والأدوات الكهربائية، والأبواب، والنوافذ الألمنيوم والحديدية، والبرادات، من البضائع السيئة والرخيصة؛ مما يزيد من حالات العطل والكسر، مطالباً برفع مستوى مواصفات المساجد، وزيادة الرقابة الهندسية على المشروعات، طارحاً فكرة أن يتم تأخير منح الدفعة الأخيرة للمقاولين بعد عام أو أكثر للتأكد من سلامة شبكات المياه، والصرف الصحي، ومحتويات المشروع، وهو نظام تعمل به جهات حكومية عند تنفيذ مشروعات مرافقها الخدمية، مبيناً أنّ الملف بحاجة إلى ورش عمل تجمع المتخصصين لصياغة دور جديد يفعل مهام كل الأطراف المعنية. ذراع استثماري وطالب «سعد اللحياني»أن تتم محاسبة المقصرين من المقاولين، متمنياً أن يتم تخصيص مخصص مالي شهري يستلمه إمام المسجد للصرف على أعمال الصيانة، بدلاً من أسلوب التسول و»القطة» التي يتحرج منها الأئمة والمؤذنون، مقترحاً تقسيم المدن إلى مربعات بحيث تتولى صيانة المساجد في كل مدينة عشر مؤسسات لخلق التنافس وتقديم الأفضل، مع تخصيص هاتف ساخن في الوزارة لتلقي بلاغات أعطال المساجد، أو تؤسس الوزارة شركة من تحت عباءتها تكون ذراعا استثماريا كي تتولى مناقصات المساجد والجوامع في المدن الكبيرة. تكسرت نوافذ المسجد مما جعله مأوى للقطط الشاردة صيانة غائبة لمسجد متهالك.. حال دورات المياه كشف عن انشغال العمال عن اداء واجباتهم مسجد العتيبية يعاني من الاهمال «عدسة- محمد حامد»