لا أدري عن مدى صحة الخبر الذي نشرته إحدى الصحف المحلية، والذي يشير إلى أن وزارة التربية والتعليم بصدد تأسيس وكالة خاصة بالتربية البدنية تشمل البنين والبنات. والخبر إن كان صحيحا فهو خطوة إيجابية للغاية (وإن كانت متأخرة) من شأنها أن تدعم العملية التربوية، وتعزز الأنشطة اللاصفية لطلاب وطالبات التعليم العام، إضافة إلا أنها حتما ستجعل من اليوم المدرسي يوما نشطا مليئا بالحيوية والمتعة وليس كما هو الحال ساعات من الخمول والفتور وتغصص ملاعق المقررات باستياء. وليس بحاجة هنا أن أسرد جميع المردودات الصحية الايجابية التي من الممكن أن تنعكس على حياة ممارس أو ممارسة الرياضة ولكن سأكتفي بثلاث نقاط جوهرية: -إدراج ساعة يومية من النشاط الرياضي أثناء اليوم المدرسي من شأنها أن تكرس وعيا لدى الطلبة والطالبات يحترم الجسد ولايبتذله عبر أي نشاط سلبي، وهي أيضا ستصبح مساحة ملائمة لتمرير شروط الوعي الصحي بالغذاء السليم بعد أن ارتفعت معدلات السمنة لدينا حتى وصلت أرقاماً مفزعة، والولايات المتحدة الآن بعد أن حاصرتها الثقافة الاستهلاكية وفتك بها النهم الاقتنائي، تحاول أن تنظم حملات وطنية كبرى الواحدة تلو الأخرى لنشر وعي صحي يحمي المجتمع الأمريكي من وباء البدانة. وقد تبنت زوجة الرئيس الأمريكي ميشيل أوباما إحدى هذه الحملات ودشنتها بزراعة حديقة منزلية صغيرة لزراعة الخضراوات في حديقة البيت الأبيض، بعد أن قُرع ناقوس الخطر ووصلت نسبة السمنة إلى ثلث المجتمع. أي واحد من كل ثلاثة امريكين يعاني من البدانة، ولاأعتقد أننا بعيدين عن الشعب الأمريكي، فبحسب أحصائيات كرسي البدانة التابع لجامعة الملك سعود ف 70% من الشعب السعودي يعاني من البدانة (لاحظوا البدانة فقط وليس زيادة الوزن) ومن هنا ستكون بالتأكيد حصص النشاط البدني وسيلة يمرر عبرها جميع الحقائق الصحية عن الرياضة والغذاء الصحي وانعكاسهما الايجابي على أجساد الطلبة مع تشريبهم وعي بأن السمنة ليست تشويها للأجسام فقط بل هي المسبب الأول لعدد لامتناه من الأمراض، (واستطرادا في هذا الموضوع استغرب أمام هذه الظاهرة الوبائية من عدم قيام حملة وطنية كبرى لمواجهة هذا الوباء وانعكاساته المخيفة على الصحة). الحصص الرياضية في المدارس هي الوعاء الأول الذي من الممكن أن يؤسس وعيا مبكرا لعلاقة الطلاب الايجابية بصحة أجسادهم وبيئتهم. - الرياضة هي استثمار في طاقات الشباب الفائرة لاسيما في هذه المرحلة العمرية، ولاأعتقد أن ممارستها مرتين في الأسبوع (كما هو الوضع الآن للبنين) يحقق الغرض بل لابد أن تكون بصورة يومية منتظمة، ونلاحظ جميعنا أن هناك حالة عداء كبيرة بين الشباب والأماكن الاعامة، وكأن هناك طاقات من النقمة والغضب تفرغ عبر التدمير والعبث بموجودات الأماكن العامة بالشكل الذي بات يمثل ظاهرة ليس فقط في المدارس بل في الشوارع والأسواق، لذا ساعات يومية من النشاط البدني في أجواء من المنافسة الشريفة الممتعة قد توازن الأمور، وتشعر الطالب بأنه ليس مجرد حمل ثقيل يدحرجه المدرسون والمراقبون بين جدول الحصص اليومي بين الصراخ والزعيق ومحاولات الضبط وتبادل النفور والحنق. - أخيرا فالاهتمام الجدي بالنشاط البدني في المدارس هو الذي يرعى بذرة أولية لأبطال عالميين وأولمبيين قادمين، بعد أن باتت ظاهرة عودة أبطالنا من المسابقا ت الدولية بأيد فارغة من الميداليات مؤشرا سيئا يطال جميع خطط التنمية البشرية في المملكة، هذا إذا عرفنا أن الرحلة الأولمبية تبدأ باكرا من مراحل عمرية مبكرة، وحتما ستكون المدارس هي المحاضن الأولى للمواهب الرياضية التي تمثل المملكة في المحافل الدولية، بينما مايحدث الآن في المدارس أثناء حصص النشاط البدني هو مجرد نشاط (طقها وألحقها). لذا نأمل جميعا أن تأسيس وكالة خاصة بالتربية البدنية تشمل البنين والبنات، من الممكن أن يحدث فرقا.