رغم بدء المصريين في الخارج الاستفتاء على مشروع دستور مثير للجدل، بقي الانقسام على أشده أمس بين معارضي الرئيس المصري محمد مرسي وأنصاره، غداة فشل محاولة الجيش جمع فرقاء الازمة لتهدئة التوتر. وفي الوقت نفسه، ينظر القضاء الاداري في وقت لاحق في دعوى لابطال اجراء الاستفتاء على مرحلتين، ما قد يضيف المزيد من التعقيد على المشهد السياسي المتأزم أصلا في مصر. وفي حين بدأ الناخبون في الخارج الاربعاء تصويتهم الذي يستمر أربعة أيام، يجري التصويت في الداخل على مرحلتين الاولى يوم 15 والثانية يوم 22 كانون الاول/ديسمبر الحالي. ويشمل الاستفتاء في المرحلة الأولى عشر محافظات هي القاهرة والاسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج واسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء. اما المرحلة الثانية فستجرى في 17 محافظة هي الجيزة والقليوبية والمنوفية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والاسماعيلية وبورسعيد والسويس ومطروح والبحر الاحمر والوادي الجديد وبني سويف والفيوم والمنيا والاقصر وقنا. وكانت "جبهة الانقاذ الوطني" التي تضم أهم قوى المعارضة المصرية قررت الاربعاء المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور والتصويت بلا، وطالبت بضمانات مؤكدة في الان ذاته ان الحل "الوحيد" للازمة هو تأجيل الاستفتاء لحين "التوافق" على مشروع دستور. وطالبت الجبهة في المؤتمر بخمس ضمانات "كشرط لنزاهة الاستفتاء"، هي "الاشراف القضائي على كل صندوق، وتوفير الحماية الامنية داخل وخارج اللجان، وضمان رقابة محلية ودولية على اجراءات الاستفتاء على الدستور من قبل المنظمات غير الحكومية، واعلان النتائج تفصيلا في اللجان الفرعية فور انتهاء عملية الاقتراع". كما طلبت الجبهة ب "اتمام عملية الاستفتاء على الدستور في يوم واحد فقط". وتزامن موقف المعارضة الاربعاء مع فشل محاولة الجيش جمع الفرقاء لنزع فتيل الازمة المستمرة منذ ثلاثة اسابيع بين انصار مرسي ومعارضيه. وتساءلت صحيفة التحرير (مستقلة) أمس "من أجهض مبادرة الجيش مع القوى السياسية؟" مشيرة الى احتمال وجود "ضغوط من الرئاسة" خصوصا بعد ان وافقت المعارضة على الحضور. وعنونت الشروق (مستقلة) "غياب الرئيس يؤجل غداء الجيش". ونقلت عن "مصادر مطلعة" لم تكشفها ان "المؤسسة العسكرية واجهت ضغوطا من رئاسة الجمهورية خصوصا مع اعلان جبهة الانقاذ موافقتها على دعوة القوات المسلحة". وكان وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي دعا الرئيس مرسي والمعارضة والكثير من الفعاليات المجتمعية الاخرى الى "لقاء شركاء الوطن" الاربعاء الى لم شمل العائلة المصرية و"طمانة المواطن المصري القلق"، بسبب التوتر واجواء الانقسام. وقبل يومين من استفتاء السبت بدأت عناوين الصحف تركز بشكل اكبر على الاستفتاء والمواقف منه. وعنونت الحرية والعدالة لسان حال حزب الاخوان المسلمين "التصويت على الدستور بدأ" في اشارة الى بدء تصويت المصريين بالخارج. اما المصري اليوم (مستقلة) فكتبت في عنوانها الرئيسي "جبهة الانقاذ قولوا لا" وفي عنوان فرعي "الدستور: 22 مادة بها استثناءات و26 متناقضة و5 غامضة" من 236 مادة في مشروع الدستور. وعنونت صحيفة الوفد "دستوركم باطل، جبهة الانقاذ تدعو للتصويت برفض الدستور". وكتبت صحيفة الجمهورية (حكومية) على صدر صفحتها الاولى جبهة الانقاذ تشارك بلا والاخوان يحشدون لنعم". في المقابل حمل عنوان صحيفة الفجر (مستقلة) على الاخوان المسلمين وعنونت "الاخوان لصوص وقتلة". ووضعت على صدر صفحتها الاولى شعار الاخوان مع صورة جمجمة بعصابة حمراء وذلك على خلفية وفاة صحافيها الحسيني ابو ضيف الاربعاء بعد اصابته بطلق ناري في الصدامات الدامية قبل اسبوع امام القصر الرئاسي. وتم دفن الصحافي أمس في مدينته طما بمحافظة سوهاج. في الاثناء يستمر كل معسكر في الدعاية لموقفه. ويجهد الاسلاميون في حشد الناخبين للتصويت بنعم من أجل "الاستقرار وكي تدور العجلة" الاقتصادية وتقول أغنية مؤيدة "الدستور مش بطال، عملوه ابطال". وفي الوقت نفسه، تستمر مختلف قوى المعارضة وبينها حزب الاسلامي عبدالمنعم ابو الفتوح، في دعوة الناخبين للتصويت ضد مشروع "دستور يقسم مصر" بحسب احدى المطويات التي توزع في الشارع و"غير توافقي".