سبحان الذي خلق الانسان فعدله في أي صورة ماشاء ركبه .. وطلب منا ان نتفكر في عظيم خلقه وبديع صنعه فقال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون).. لقد خلق الله جزءاً صغيراً جدا في الدماغ يسمى ماتحت المهاد hypothalamus ومع ان حجم ذلك الجزء لايتعدى عقلة الاصبع ولكنه المنظم الاساسي لدرجة حرارة جسم الانسان (الثيرموستات) والعمل الاساسي لعمل ماتحت المهاد هو ان تكون درجة الحرارة الداخلية للجسم لاتتعدى 37.5 درجة مئوية ولاتقل عن 36.6 درجة مئوية في نظام بديع حيث يتحكم ذلك الجزء بتوليد الطاقة الحرارية من عضلات الجسم ومنها القلب وينظم خروجها من الجسم من خلال الجلد والرئتين في الغالب.. والوسيلة التي يدار بها هذا النظام هي القلب ومايرتبط به من اوعية دموية منتشرة في جميع انحاء الجسم. في الشتاء العبء الاكبر على عضلة القلب: حيث يتحمل القلب والاوعية الدموية أكثر العبء للتغيرات الحرارية في جسم الانسان فقد ثبت بالدراسات العلمية انه في فترات الشتاء القارس ( درجة حرارة خارجية تحت 8 درجات مئوية) تزداد فيها نسبة الوفيات القلبية بشكل ملحوظ مقارنة بغيرها من الاوقات في الشتاء نفسه . Volume 18 – Issue 5 - p S70,Epidemiology وأٌقل درجة حرارة مئوية (داخل الجسم وليست خارجة) ثبت علميا انه نجا منها انسان كانت 13 درجة مئوية وهي لطفلة سويدية عمرها سبع سنوات وجدت قريبة من الغرق. ولايتحمل جسم الانسان نزول درجة الحرارة الخارجية الى اقل من 35 درجة مئوية ويبدأ بالتكيف معها بانقباض الاوعية الدموية في الجلد ورعشة البرد(انقباض العضلات المتكررلتوليد الحرارة ) للمحافظة على درجة حرارة الجسم الداخلية التي تعمل انزيمات وبروتينات الجسم من خلال ثباتها.. وتزداد الامور سوءاً اذا كان الجو البارد مصحوبأ بمطر حيث ان الماء البارد يفقد الحرارة من جسم الانسان افضل ب 25 مرة من الهواء البارد فمثلا لايستطيع جسم الانسان السباحة في ماء درجة حرارته 10 درجات مئوية لأنه يؤدي الى الوفاة في 60 دقيقة اما اذا سبح في ماء درجة حرارته (صفر مئوي ) فإنه يلقى حتفه خلال 15 دقيقة وذلك يفسر الوفاة السريعة الغالبية في ركاب السفينة المشهورة (تايتنك) حيث ان غالبية الركاب سبحوا في ماء درجة حرارته اثنين تحت الصفر مئوي ولذلك كانت وفياتهم سريعة خلال 15دقيقة.. فلم يمكن انقاذ اغلبيتهم. اما اذا كان البرد مصحوبا برياح فإن تأثير البرودة اشد.. فمثلا اذا كانت درجة الحرارة صفر مئوية وسرعة الرياح 45 كلم في الساعة فأن درجة الحرارة التي يعانيها الجسم هي عشر درجات تحت الصفر.. التغيرات التي تحدث في قلب الانسان عند التعرض للبرد: عندما يتعرض الجسم لدرجة حرارة اقل من درجة حرارته ولنفرض درجة حرارة بسيطة (32-35 درجه مئوية ) تحدث التغيرات الحيوية التالية: 1. ترتفع نبضات القلب 2. يرتفع الضغط 18-20 ملم من الزئبق 3. تنقبض الشرايين الطرفية لتمنع فقد الحرارة 4. يزداد استهلاك القلب للأكسجين 5. تسارع التنفس وفي الانسان الطبيعي لايشكل ذلك مشكلة.. لكن المشكلة ان اكثر من يتعرضون لمشاكل البرودة في الشتاء هم كبار السن الذين هم بالطبع عرضة لأمراض شرايين القلب اكثر من غيرهم.. فمن لديه تضيق في شرايين القلب قد يسبب ذلك الجهد الاضافي الماً يسمى الذبحة الصدرية (قديما) أو قد يزداد فيسبب له جلطة قلبية.. وكثيرا ماكنا نرى جلطات القلب تزداد في كبار السن عندما يقومون بإزالة الثلج من امام بيوتهم بالمسحاة وهم مظنة امراض شرايين القلب ان لم يكونوا مصابين بها اصلا.. اما اذا ازدادت شدة برودة الجسم الى اقل من 20 درجة مئوية فإن كل هذه التغيرات تنقلب الى عكسها تماما من هبوط الضغط وتباطؤ نبضات القلب وتباطؤ التنفس محافظة من الجسم لما تبقى من طاقة وهي المراحل الاخيرة التي تسبق وفاة المريض.. ومن التصرفات الغريبة التي تحدث لهؤلاء المرضى قبل موتهم من البرد هو انهم يخلعون ملابسهم!! وليس هناك شرح علمي لهذه الظاهرة المعروفة الا ان العضلات التي كانت منقبضة في الاوعية الدموية تعاني الاعياء ثم تتوسع الاوعية الدموية في الجلد مما يجعل المريض يحس بحرارة خارجية ويرمي ملابسه اضف إلى ذلك تشويش التفكير. أخطاء شائعة في الشتاء: ومن الاخطاء التي يقع فيها كثير من الناس في الشتاء: 1. النوم في غرفة او خيمة والحطب يشتعل وبالتالي السلامة من البرد والوقوع في خطر تسمم غاز اول اكسيد الكربون 2. عدم السماع للنشرات الجوية وتحذيراتها وهي مهمة جدا لتفادي الخروج في موجات البرد القارس 3. الابتعاد عن شرب السوائل في الشتاء مع العلم ان الجو البارد يسبب كثرة التبول وبالتالي الجفاف. 4. أخطر انواع النوم على الاطلاق هو النوم بدون اتخاذ وسائل التدفئة اللازمة لجسمك بالذات عند الرعاة في الصحراء او المشردين من منازلهم بسبب امراض عقلية او كبار في السن او اطفال ينامون في اماكن مكشوفة. الخلاصة: يجب ان ننتبه الى ابائنا وامهاتنا ومن لديهم امراض في القلب من شدة البرد ومضاعفاته باللبس المناسب والمكان المهيأ لجلوسهم والاكل والشرب الذي يعطيهم الطاقة المطلوبة من دون التأثير سلبا على الامراض التي يعانون منها وابعادهم عن الجهد البدني مهما كان سببه وبالذات في الشتاء القارس.