يقترب عمري من الثمانين خلال الأشهر القادمة، ومنذ ما يقرب من الخمس سنوات الأخيرة خلال ترددي على مطار الملك خالد رحمه الله، وأنا ألاحظ هذا التغير والتردي الذي وصل إلى حد أصبح محل استغراب القادمين والمسافرين، هذا المطار الذي يحمل اسم الملك خالد رحمه الله والذي كسب جوائز عالمية في التصميم والأناقة يتردي إلى هذه الحالة؟ اختفت النوافير والورود والأزهار التي كانت تستقبلنا واختفى منظرها وسماع مياهها وعطرها خلف روائح الأكلات السريعة الرخيصة وبما يشبه الحراج. أصبح المطار ساحة مطاعم واختفى الذوق واستبدل الرخام الفاخر المقطع بذوق أفضل المصممين ووضع بدلاً منه في بعض الأماكن سيراميك مربع وفي منظر آخر يتقطع قلبي عندما أصعد لصالة الدرجة الأولى الجديدة بواسطة سلم غير منتظم مقاس الدرجات، وقد كدت ان أسقط منه على الأرض، هذا بعد ان استنشقت كمية مخيفة من دخان السجائر عند أول درجة غير متزنة العلو على الأرض أو صوالين الدرجة الأولى الأرضية التي تسمى درجة أولى تجاوزا. بالإضافة إلى الزحام من اكتظاظ الدكاكين بعد ان انتقل الزحام الآن من خارج المطار إلى داخله. فهل هكذا ننافس مطارات العالم؟ نحن نركب الخطوط السعودية لأنها أكثر أماناً من غيرها وأفضل أكلاً لكن الآن نرى اتجاهاً مغايراً. الركاب لا تعمل تلفزيوناتهم وأرى الكراسي لا تعمل كما يرغب المسافر وأرى أن الذين لا يرون ما أرى هم أولئك الذين لا يدخلون المطار وساحاته الداخلية للركاب ولا يرون ما نراه كركاب من مختلف درجات الطائرة. من يعتقد ان الخطوط السعودية انشئت من أجل الربح فهو مخطئ فالدولة ليست بحاجة إلى الربح من الخطوط بل ذلك أقصى اهتماماتها. نحن نختلف عن كافة دول العالم كدولة وكشعب إذ نحس بارتباط ومسؤولية نحو كافة اخواننا المسلمين والعرب في العالم وهناك محطات في آسيا وأفريقيا وأوروبا لم تقصدها السعودية من أجل الربح بل من أجل التواصل مع أهلها المسلمين. الأكشاك التي في المطار لن تعوض خسائر السعودية ولن تعوض عقود تزويد الطائرات بالطعام أو النقص في دخلها ومن الغلط بل من الكارثة ان يشوه مطارنا العالمي الذي يحمل اسم الملك خالد بن عبدالعزيز الذي نحبه بهذه الطريقة المسيئة. آمل ان يطلب من كافة وكلاء الوزارات زيارةَ المطار وان يبحث وضعه في مجلس الشورى ليروا ما أراه، وان يحكموا ضمائرهم فيما دهاه، وان يكتبوا تقاريرهم وان ينقذوا تلك الجوهرة وان تكون الخطوط أداة تواصل وألا تحاول الركض وراء الكسب وبهذا الأسلوب. بعضنا يدفع من أجل التنفيذي وعليه ان يسير في المطار من أقصاه إلى أقصاه. في المطارات الأخرى الراكب الذي يحمل كرتا مثل التنفيذي أو على مستواه يحمل من صالون الدرجة الأولى في سيارات فاخرة إلى الطائرة مباشرة. عندما صمم مطار الملك خالد لم يؤخذ في الاعتبار ان تكون هناك مطاعم ومقاهٍ ودكاكين كالحراج، التهوية لم تكن مصممة لتتلاءم مع ذلك. أخيراً؛ أريد ان أقول باختصار ان المشكلة التي تتكرر للأسف وأراها في أماكن أخرى في بلادنا هي نظرة من يدير هذه المرافق وهم عادة خريجو جامعات غربية لأن التركيز في كل المعاهد والجامعات في البلدان الرأسمالية ينصب على الربحية، نجدهم في مجالس الإدارة حتى الشبه حكومية، إذ المفهوم ان الإداري الناجح هو من يدير مرفقا رابحا ولا يحتاج إلى مساعدة من أحد. هذه النظرة المادية البحتة يجب ألا تكون لدينا. إذ نحن في دولتنا التي تنظر إلى المواطن ورفاهيته كأولوية، وعلى سبيل المثال تسعر له البنزين والديزل بأقل سعر في العالم ولم ترهق كاهله بضرائب وتعفي له الأدوية وغيرها من اللزوميات من الجمارك. هذا هو الذي يميزنا عن العالم المادي البحت الذي لا يرحم. خسائر الخطوط السعودية لا يمكن ان تعوض بإعطاء تصاريح لشركات طيران أجنبية أو محلية أو تسليم غذاء الركاب لشركات خاصة والتخلي قليلاً عن مسؤولياتها للمواطن. أملي الأخير أيضاً في "فزعة" رجل السياحة سلطان بن سلمان؛ ذلك الرجل الذي يسعى لجعل بلادنا سياحية لأهل بلادنا وزوارنا وبمستوى السياحة الدينية. يقولون الكتاب من عنوانه وأيضاً المطار هو عنوان أي بلد في العالم.