رغم الهجمة التخريبية الالكترونية الخارجية التي تعرضت لها الشركة العربية للزيت «أرامكو»، إلاّ أنّ أعمال التنقيب، والاستكشاف، والإنتاج، والتصدير، والتوزيع، والمبيعات، والأعمال المالية، والموارد البشرية، وقواعد البيانات الخاصة بها وغير ذلك، لم تتأثر، حيث أنّها أنظمة داخلية معزولة. وقد كشفت وزارة الداخلية وشركة «أرامكو» أن الهجوم الذي ضرب أجهزة الشركة السعودية كان من قبل مجهولين من خارج المملكة؛ إذ سيتم عرض نتائج التحقيق بشكل كامل بعد الانتهاء من التحقيقات ومعرفة هويات المتسببين من دول مختلفة. ويعدّ تعرض المؤسسات والشركات الكبيرة لهجمات إلكترونية أمراً وارد الحدوث في كل بقاع العالم، حيث تفقد مشروعات، وخطط، ومستندات، استغرقت ملايين ساعات العمل، وقد وجه المهاجمون عدداً هائلاً من العمليات الإلكترونية إلى موقع الشركة في الوقت نفسه ومن أماكن متعددة؛ مما أدى إلى شلل مؤقت للخدمات المقدمة من الموقع وتعطيله، وكان الهدف تشتيت الانتباه عن الهجوم الرئيس، إلاّ أنّ الشركة اتخذت إجراءاتها الفورية، وتمكنت من إعادة تشغيل الموقع خلال يوم واحد. قوة اقتصادية وقال «د.عبدالرحمن بن عبدالعزيز الربيعة» -رئيس اللجنة والوطنية للتدريب بالمملكة: «اليوم يتغير العالم بسرعة مذهلة، حتى زادت المنافسة الاقتصادية وصارت أشبه بالحرب الاقتصادية، فظهر اختلاس الأفكار مثلما نجد من صناعات مقلّدة تغرق الأسواق، واليوم هناك دول متقدمة في المنافسة الاقتصادية أصبحت تفوق بكثير المنافسة العسكرية، وهذا أمر معروف، ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في كل تحرك للمملكة، فهي لم تعد البلاد نفسها قبل (30) أو(40) سنة، فقد أصبح اليوم لها موقع اقتصادي واسترتيجي وسياسي كبير، نحتاج أن نعي حجم ما نحن فيه، وتصرفاتنا وخطواتنا الاقتصادية يجب أن تختلف عن تحركاتنا في الماضي، حيث إننا اليوم قوة اقتصادية وضمن مجموعة أكبر عشرين اقتصاداً في العالم»، مبيّناً أنّ ميزانية المملكة تعتبر من الميزانيات الرائدة على مستوى العالم، إلى جانب أنّ المملكة تساهم في الصناديق العالمية مثل البنك الدولي وغيره، وللمملكة أعلى رقم بالمساهمات في المؤسسات الدولية، مشيراً إلى أنّ هذه الأشياء لها قيمة ومكانة يجب أن تؤخذ بالاعتبار في التفكير المستقبلي، فمقابل هذا الأمر تولد للمملكة أعداء، حيث أصبحت من كبار المنافسين اقتصادياً. تحصين المعلومات وأضاف «د.الربيعة» أنّه بسبب موقع المملكة الاقتصادي والسياسي والإستراتيجي تحولت المنافسة إلى حرب، مبيّناً أنّ الإختراقات الإلكترونية و»الفيروسات» تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني والسوق المحلي والدولي، إلى جانب تأثيرها على الأسهم والعملة، فالأمر ليس قضية اختراق موقع «شركة ارامكو» فحسب؛ بل هو أكبر من ذلك بكثير، مشدداً على ضرورة تعزيز أنظمة المعلومات الدفاعية للتصدي لأي هجمات متوقعة، لافتاً إلى أنّه سبق وأن كان هناك هجوم على البنوك السعودية ولن تكون الهجمات الأخيرة!. نحتاج إلى تعزيز الأنظمة المعلوماتية وكشف خيوط الهجمات قبل أن تبدأ من الخارج عملاق الطاقة وأشار «د.الربيعة» إلى أنّه تم اختيار توجيه الضربة الإلكترونية لشركة «ارامكو» لأنّها عملاق الاقتصاد والطاقة عالمياً، ومن الطبيعي استهدافها، وقد خطت «ارامكو» كل الخطوات الجيدة والمناسبة لأداء دورها كشركة وطنية، والحمدلله أنّ لديهم من الوعي والإدراك الشي الكبير، حيث فصلت خطوط الإنتاج والآبار عن الأعمال اليومية للمكاتب، وبالتالي لم يتأثر قطاع الإنتاج والتصدير، وهذا أمر تشكر عليه «ارامكو»، مضيفاً: « آمل أن لا تتسبب الحادثة في الخوف الزائد، بل وضع حماية وما يمكن عمله من تقنيات، لكن لا نعطل أعمالنا بسبب الحذر الزائد، وهيئة الاتصالات والمعلومات عليها دور كبير، ويجب أن تتضافر جهود الجميع حتى تحصن معلومات الشركات الكبرى». د.الربيعة: الأهم أن نعي حجم ما نحن فيه اقتصادياً لنعرف لماذا نحن مستهدفون ارهاب دولي ولفت «م.حمد بن ناصر الشقاوي» -رئيس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين- إلى أن الاختراقات الإلكترونية يجرمها القانون الدولي، مبيّناً أنّها أمر خطير للغاية، وما حدث ل»ارامكو» يعد جريمة منظمة، وجميع دول العالم تكافح مثل هذه الجرائم، حيث يعد هذا الإختراق «ارهابا دوليا»، إذ تتعطل مصالح الدولة الاقتصادية والعالم كذلك، وحينما يصل الاختراق إلى محاولة تعطيل تصدير «الزيت» و»الغاز» فهذا الأمر يشلّ الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أنّ الأمر متعلق ب»مافيا إلكترونية عالمية» طورت جريمتها من حرب شوارع وبيع الأسلحة وترويج المخدرات إلى الحروب الإلكترونية، حتى أصبح الوضع خطيراً جداً، وأوجب التصدي له محلياً وعالمياً. عصب الاقتصاد وأوضح «م.الشقاوي» أن اختيار المافيا ل»ارامكو» كان لأنّها تمثل اقتصاد المملكة والعالم، وهي عصب الإاقتصاد بالدرجة الأولى، وهذه المنظمات الارهابية تعيش على شل اقتصاد العالم، والقضية ليس المقصود بها «ارامكو» فقط، بل هي استهداف للمملكة، وهذا ليس بمستغرب لوجود الحسّاد على ما وصلت إليه من اقتصاد عالمي قوي جداً ومتين، مشيراً إلى أنّ «ارمكو» عليها أن تسعى جاهده في تعزيز منظومتها الأمنية الإلكترونية، مشيداً بالبيان المشترك بين الشركة ووزارة الداخلية، مضيفاً: «مما أثلج صدورنا جميعاً أنّه لم يكن لأحد منسوبي الشركة أو مقاوليها يدٌ في الجريمة التي كان أفراد عصابتها من خارج المملكة»، منوّهاً بأنّ المجتمع أصبح على درجة كبيرة من الوعي بأهمية التعامل مع التقنية الحديثة، ومعظم المواطنين يتعاملون مع التقنية في حياتهم اليومية، مطالباً الإعلام بزيادة تثقيف المواطنين في هذا الجانب. حزم أمنية وبيّن «أ.د.ابراهيم بن عبدالله الحماد» - قسم الهندسة المدنية بجامعة الملك سعود- أنّ الآثار التي لحقت ب»أرامكو» جراء الهجمة الإلكترونية على موقعها تتعلق بالأمن والاقتصاد، مبيّناً أنّ الكثير من المؤسسات تتعرض لاختراق في حزمها الأمنية، وليس بمستغرب محاولات اختراق موقع «ارامكو» الكترونياً، لأنّه مهما وضع من برامج حماية أمنية لا زال هناك من لديه القدرة على اختراقها، مضيفاً: «قد ينتج عن الهجمة تعطل منظومة الشركة المعلوماتية عدة أيام، وقد يفقدها الكثير من التعاملات الدولية، وكونها لم تتمكن من وضع حزم أمنية قوية فيصبح الموضوع درساً قوياً يجب الإفادة منه في تعزيز القدرات الأمنية لحماية المنظومات المعلوماتية لديها في المستقبل». م.الشقاوي: «أرامكو» تمثّل اقتصاد المملكة والعالم ولهذا تعرضت ل«الحسد الالكتروني»! عصابات أجنبية وأكّد «د.الحماد» على أنّ «ارامكو» حالها حال «بنكوفر» في أمريكا من ناحية تعرضها للاختراق وهي مؤسسة مهمة في الدولة والعالم، وهناك الكثير من الجهات داخل المملكة تتعرض للاختراق والفيروسات ولكنها لا تعلن مثل البنوك والمؤسسات الكبيرة، وقد تمكن بعض «الهكرز» من نقل حسابات من شخص إلى آخر، مشيراً إلى أنّ أي مؤسسة لها سمعة دولية يتم استهدافها، وعصابات الهكر، لديهم شبكات دولية، ويتم الإتفاق على وقت معين، ومنشأة، حيث يتم الهجوم عليها من خلال تلك العصابات، موضحاً أنّ المواطن أصبح على درجة كبيرة من الوعي بأهمية التعامل مع التقنية، والمشكلة كشفت ضرورة أن يكون هناك كفاءات لديهم القدرة والخبرة للتصدي لمثل هذه الاختراقات التي تنظمها عصابات أجنبية. المملكة تمتلك 283 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وتحتل المركز الرابع عالمياً في حجم الاحتياط استثمارات أرامكو الكبيرة في الغاز سدت فجوة الطلب لسنوات مقبلة د.ابراهيم الحماد د.عبدالرحمن الربيعة