كثير من الأحداث تمر في حياة الشعوب، عندما نقرأ القصص عن كفاح الشعوب نرى كيف أن هناك شيئاً ما يتولد في داخل الإنسان لا فرق بين الألوان والأشكال، الشعوب التي تهاونت وهادنت سرعان ما ذابت وأكثر من ذلك تفرقت وسحقتها أقدام الغزاة. عندما نقرأ تلك الروايات التي تتحدث عما حدث وبصورة أدبية جميلة وهي تقدم أحداثا مؤلمة، نشعر أن هناك شيئاً يتعمق في الإنسان اسمه الأمل، ومتى ما ذاب هذا الأمل كانت الحياة عبارة عن عيش لا طعم به.. المهندس وهو يفكر بمشروعه يحدوه الأمل بقيمة مشروعه وفائدته لذاته وللبشرية والمخترع وهو يراقب الحياة فيما حوله ومنها يستطيع أن يخترع أشياء جميلة... فهو يأخذ من الأمل جرعات تغذي فكره بطاقة الصبر وما كانت لتوجد لولا الأمل.. والمعلم وهم يعلم الأطفال الألف باء، يصنع من الأمل بهؤلاء الأطفال لبناء المستقبل وهم الذين يؤسسون من خلال الكلمة والفكرة وطناً جميلاً.. عندما نقرأ كفاح الصينيين ضد الاحتلال الياباني، ونقرأ عن الشعوب الأوروبية وكفاحها لتوحد شعوبها ومن ثم وهي تكافح ضد الاحتلال الألماني، لكن ذلك لم يمنعها من احتلال الشعوب الأخرى بل جعلت من تلك الشعوب جنوداً لها، ومن ثم أرادت أن تحمي أراضيها ومكتسباتها فنقلت الحرب لتلك الدول، لكن الأمل هو الذي شد عزيمة الدول لمحاربة الدول المستعمرة، فكانت ثورة الجزائر التي سطرت أحرف الفخر في كل العالم. الأمل هو الذي جعل من دولة مثل اليابان تنفض رماد الحرب وضرب القنابل الذرية لتبني عالمها الجديد.. هذا الأمل الذي يشعل الحماس في القلوب لتطالب الشعوب بالتحرر من الأجنبي ولا ترضى بالتهجين أو إحتقار صاحب الأرض الأصلي هو الذي جعل من كفاح جنوب أفريقيا يستمر رغم وقوف عتاة الدول أمريكا وبريطانيا وطبعاً لا ندري أنقول تابعتهما أم تابعيها إسرائيل .. انتصرت ثورة أهل الأرض وكان حكيماً مانديللا جدا فقرر التسامح.. إنه الأمل هو الذي يعطي طاقة وصبرا، المغلوب يعرف قوة الغالب ودعم الدول له، ولكنه يعرف أن الحق لا يموت، وإن مات صاحبه يرثه الذي بعده.. أربع وستون سنة، مرت على نكبة فلسطين، لم يمت الأمل وما رمى الفلسطينيون مفاتيح بيوتهم، وهم يعرفون أن البيوت خلقت أبوابها والمفاتيح ليست إلا أداة لا وجود لقفلها.. لكن مجرد حملها ووراثتها يبرق أمل العودة ويزرع في الصغار مع الألف باء، ومع شربة الماء، وهذا هو الذي عندما كسر شمعون بيرز أرجل وأيدي أطفال الحجارة كان يريد كسرهم من الوصول له.. فكانت تلك العاهات في شبابهم الآن أملا لتعويضها على الأرض.. فالأمل كالبذرة قد تموت الشجرة وتبقى البذرة.. قد تتنوع الإحباطات للهدف وقطاع الطرق، ولعل أشدهم سوءًا هم الواقفون ضد الأمل الجمعي،عبر الطرق الإعلامية هؤلاء المحرضون يقدمون اليأس بدل الأمل، وقد يطالبون براحة وإستكانة، ستكون لا شك مسلوبة بعد فترة إن لم تكن لجيلهم فللجيل الذي بعده.. يتساوى هؤلاء مع السارقين والمتاجرين بالحق.. الله سبحانه وتعالى وضع في عبده فيما وضع الأمل، وهذا الأمل كلله بعدم القنوط من رحمته عز وجل.. إذا كان الاتكال على الله شيئاً أساسياً.. فمن اتكل على الله فهو حسبه، ان الله بالغ أمره.. هذا الاتكال يمنح المؤمن بقضيته طاقات مضاعفة، وما كان أن تنتصر الجزائر في حرب تحريرها من الجور الفرنسي لولا هذه الطاقة الربانية،التي تتوالد وتثمر، وما كان القادة يتخذون القرارات القوية لصالح أوطانهم ضد مغتصبيها، ولنا أسوة في بلدان كثيرة مسلمة وغير مسلمة، كماليزيا وهي تتحول من بلد من عالم ثالث لبلد يكون في مقدمة نمور آسيا.. ولا خمدت آمال اليابانيين بعد أن خمّدت أمريكا مدننا كاملة.. هو الأمل الذي يبني.. ليس للأفراد فقط ولكن للأوطان.