ساهمت فكرة منح الاراضي للمواطنين عند بداية تطبيقها قبل حوالي أربعة عقود في زيادة التملك واستفاد منها عشرات الآلاف من المواطنين سواء ببنائها أو ببيعها لمن يحتاج الى البناء. اليوم ومع الحاجة الاسكانية من المواطنين لابد أن ينصب الاهتمام والتركيز على أراضي المنح القديمة التي استلمها المواطنون ولازال معظمها أراض لم تصلها الخدمات حتى اليوم وأصبحت ثروة مهدرة وأموالا مجمدة وفرصا لوحدات سكنية غير مستغلة. وكمثال على أهمية المنح في زيادة نسبة التملك فسأعطي مثالا على ذلك في جدة حيث المنح التي وزعت قديما في الشمال والشمال الشرقي والتي وصلتها الخدمات جزئيا او المخططات التي باعها المطورون بوجود الانارة والسفلتة فقط إلا أنه استفاد منها المستهلك النهائي فخلال الثلاث سنوات الماضية وبعد ارتفاع الأسعار وتضخمها ومشاكل السيول جاءت هذه المواقع كبديل عندما وصل لها الحد الأدنى من الخدمات حيث تشهد عمرانا غير مسبوق وبآلاف الوحدات السكنية رغم عدم توفر المياه والاعتماد كليا على الشراء من شركة المياه، رغم غياب الصرف الصحي وبعضها بلا شبكة اتصالات هاتفية وتفتقد الى المدارس والمستشفيات ورغم ذلك تشهد اقبالا وحركة بناء سريعة. ومعظم البناء عن طريق الأفراد والذي قد يصل الى 90 بالمائة والبقية بواسطة مؤسسات صغيرة ومتوسطة. هذا مثال على أن المواطن متى توفرت له الخدمات فسينتقل حتى لو كانت الخدمة على مراحل بدء من السفلتة والإنارة لكن ما الذي يمنع البلديات من اعتماد تطويرها بكامل الخدمات توفيرا للوقت والجهد والمال؟ فتطوير أراضي المنح التي قدمتها الدولة للمواطنين وظلت غير مستغلة يمكن أن تكون جزءا من حلحلة واقع الإسكان حاليا. اذا لابد أن تبادر وزارة الشؤون البلدية بمنحها الأولوية في ميزانياتها القادمة وتكون ضمن الخطط التنموية لأن هذه المنح عند تطويرها ستحل مشكلة كبيرة لذوي الدخل المحدود حيث يمثلون النسبة الأكبر من المواطنين غير القادرين على التملك. ومادام الحديث عن ضرورة تخصيص ميزانيات من قبل وزارة الشؤون البلدية لهذه المخططات المهملة فلابد أن يراعي في تطوير المنح أن تكون بمستوى عال من التنفيذ والجودة وتلافي أخطاء الماضي والتي نعاني منها حاليا بالحفر والدفن وإقفال الشوارع لإيصال الخدمات المختلفة للمخططات كل فترة وبتكاليف عالية جدا ومرهقة ومزعجة للجميع وبالنهاية تكون أقل من الحد الأدنى المطلوب للجودة. وأخيرا لنا أسوة في تنفيذ مشاريع الاسكان بالرياض وهما مشروع اسكان الجزيرة وإسكان طريق الخرج واللذين أراهما من أفضل الأحياء تنظيما وتخطيطا وتتفوق على أداء القطاع الخاص في هذا المجال. هذا الاهتمام سيجد القبول والتقدير من المواطن وسيمنح الفرصة للكثيرين للاستفادة من هذه الاراضي المعطلة.