في الموضوع تكرار لكن الهدف أن يصل الأخيار، ويتمم خطوات هي أبسط واجب نحو من يجدر بنا تذكرهم والوقوف لأجلهم وأن نعرج على سيرتهم لأن الثالث من ديسمبر يوافق "اليوم العالمي للإعاقة"، تلك الفئة المحتاجة للدعم على كافة الأصعدة وتستحق وقفة إخاء وحب ، إخواننا المعوقون وسأسميهم كما ينعتهم العالم والناس وإن كنت أخالف المعنى الذي تنطوي عليه، فلعمري ليسوا ذوي احتياجات خاصة بل ذوي قدرات خاصة بالذات في مجتمعات لم تكمل إعداد مستلزماتهم ومتطلبات حالتهم ومع هذا هم بإرادة عالية ومزايا استطاعوا بها أن يتعايشوا وربما حققوا كثيراً من الإنجازات التي عجز عنها من أنعم الله عليهم بصحة وعافية وسلامة بجميع حواسهم وأعضائهم، ناهيك عن نفوس جميلة وعذبة ووجوه بشوشة ومبتسمة رغم المعاناة وتأخر خطوات الإعداد لما يليق بهم وأقصد هنا حل مشاكلهم وحفظ حقوقهم العامة وتجهيز ما يناسبهم كما في دول العالم المتقدمة حيث لم يهمشوا بل تراعى خصوصيتهم في كل مكان سواء المباني التجارية أو المدارس أو الجامعات أو المواقف أو دورات المياه حتى، وكل مرفقة عامة لأنهم من العامة الذين أعدت تلك الأماكن ليرتادوها، في أمريكا مثلاً المعاقون يسيرون بأريحية قد لا تشعر معها أنهم مختلفون ولا عاجزون أو محتاجون لمد يد العون والمساعدة. .. لقد وصلتني رسالة مؤثرة (تروي حادثة باليابان في السبعينيات، قصة سيدة عمياء خرجت من بيتها تركب القطار، ولأن محطة القطارات وقتها ليست مجهزة للعميان، سقطت المرأة تحت قضبان القطار وقُتلت. الحادث كان مفجعاً حتى أن اليابانيين أعلنوا الحداد العام، والثأر للعمياء القتيلة بعد إقالة الحكومة كان وضع خطة متكاملة وشاملة على مستوى اليابان لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة (ليس للعمي فقط)، كل من هم ذوو إعاقة. في اليابان اليوم تخرج المرأة العمياء (وحدها) من بيتها في جنوباليابان لتصل لوجهتها في أقصى شمال اليابان بدون أن تحتاج لأدنى مساعدة. تسير في الشوارع وتقف في إشارات المرور وتركب المواصلات وتستقل المترو أو القطار بدون أدنى مساعدة من أي شخص. وإن كنت تسير على الطرق المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة سترى رسالة مكتوبة على طرقاتهم "تخليداً لمن أيقظت ضمير الشعب الياباني")، ربما نعد بما ذكر شيئا من المبالغة ولكنه واقع حي ومشاهد نحلم بمثله عندنا وبأفضل منه، نريد مرافق مخصصة لهم في كل مكان وأن يفرض وضع أماكنهم كشرط لإجازة تصميم أي مبنى عام، واحترام وتقدير وضعهم فلا استخفاف وأن يضرب بيدٍ من حديد كل ضعيف نفس صحيح البدن تسول له نفسه أن يستخدم الأماكن والمواقف المخصصة لهم فقط لأنه معوق فكرياً وبهمجية أعطى نفسه الحق بلا ذمة ولا ضمير ولا شعور. لا نريد كارثة ولا حدثاً مؤلماً يوقظ حس الإنسانية فينا بل نريد نضجاً ومدنية حقيقية وتطوراً ورقياً ومحاكاة نافعة حد ألا ينسى إخواننا هؤلاء في تصميم أي منشأة جديدة، ويحتسب الأجر من يعدل على قديمها، فإضافة مزالق للعربات ومقابض ومراحيض خاصة –أكرمكم الله- وغيرها ليس بالأمر الصعب العسير ولا المستحيل. فاللوحة التي تشير لأماكنهم المخصصة ستدمجهم أكثر وتكفيهم كثيراً مما يهمهم أو يغمهم أو يعيق تواجدهم كأفراد لهم الحق كل الحق بممارسة حياتهم العامة بيسر وسهولة وبلا تحفظ. لا مانع عندي أن أقف كل عام بمثل هذا اليوم لأذكر بهم بنفس الكلام ما لم يجد كلامي وكلام غيري، وكلي أمل أني في العام القادم أو قبله سأكتب شكراً لمن قام بخطوات جادة وصنع الفارق، وسأجعل كلماتي بطاقة شكر وتقدير باسمنا جميعاً لنفوس راقية تفاعلت معهم وطورت واستصدرت قرارات تصون حقهم لأنهم منا ويحق لهم ما يحق لأي واحد منا أو يزيد.