لاشك أن الغاية الكبرى من إنزال القرآن الكريم هي العمل به ، والاهتداء بهديه في جميع شؤون الحياة ، وذلك لايتم إلا بتدبره ، وفهم معانيه ، ولذلك حث الله تعالى على تدبر القرآن ، فقال تعالى : (كتاب أنزلته إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). ومن نعم الله - سبحانه وتعالى - علينا في هذا الزمن أن هناك العديد من المصاحف التي يرفق بها مختصرات للتفسير كالتفسير الميسر الذي أعده مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة وغيره من مختصرات التفسير التي تعين على التدبر , وفهم المعنى المقصود بالآيات , فكلما قرأ القارئ آية ، وأراد معرفة معاني الكلمات والمقصود في الآية توقف للحظة , ثم اتجه للتفسير الخاص بها في الصفحة , وهذا لايتأتى إلا لمن كان له رغبة صادقة ونية خالصة ورغبة أكيدة في الاستفادة التامة من كتاب الله عز وجل , ويأتي بالطهارة قبل القراءة ، وقراءة البسملة ، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، وحضور القلب ، والقراءة في مكان في بيوت الله ، أو تخصيص مكان هادئ في المنزل لا يوجد به ما يشغله عن الذكر والتلاوة , وهذه من الأسباب المعينة على القراءة الطيبة والتدبر والتفاعل مع الآيات أمر مهم خلال القراءة , فإذا مر على آيات الوعيد استعاذ من ذلك , وإذا مر بآيات تحذر أو ترغب وقف عند كل آية , ونظر في نفسه أهو ملتزم بالابتعاد عما حرم الله ؟ وهل هو ملتزم أيضاً بما أمر الله به ؟ لقد كانت هذه صفات المؤمنين والتابعين والسلف الصالح بأنهم يتفاعلون مع كتاب الله عز وجل , فالآيات تؤثر فيهم وتقوي ، إيمانهم وتحفزهم. وقد أخبرنا الله عز وجل عن أحوال هؤلاء بقوله عز وجل: (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته إيمانا فأمّا الذين آمنوا فزاتهم إيمانا وهم يستبشرون) ، وكذلك قوله تعالى: (إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته، زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون) هكذا كان السلف رضوان الله عليهم من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان حتى يومنا هذا إذا انقطعوا لذكر الله وكأنهم في صلاة , وترى أعينهم تفيض من الدمع عند الوعيد , ويستبشرون بفضل الله إذا ما مروا على آيات البشائر للمؤمنين , ويسألون الله من فضله .. نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم. [email protected]