على الرغم من وجود إجراءات مرورية حاسمة لدينا، زادت بعد استحداث نظام "ساهر"، ومضاعفة المخالفات المرورية، إلاّ أن ذلك كله لم يكن كافياً لردع كثير من المخالفين، مما يستدعي إيجاد عقوبات صارمة، مع إيجاد حملات تثقيفية ترفع نسبة الوعي، وتصنع "رقابة ذاتية" لسائقين يحترمون النظام. ووقع أكثر من (544) ألف حادث مروري العام الماضي 2011م، تسبب في وفاة (7153) شخصاً، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى الحد من هذه الحوادث عبر بعض الإجراءات والقوانين، مثل تطبيق نظام "ساهر"، وكذلك مضاعفة الغرامات المالية وخلافها، إلاّ أن مختصي السلامة المرورية يرون أنها لن تكون مجدية ما لم تكن هناك عقوبات أكثر صرامة، حيث إن (85%) من حوادث السير تعود إلى أخطاء بشرية من قِبل السائق، نتيجة لارتكابه إحدى المخالفات المرورية، في وقت تبرز أهمية أن تكون أكثر صرامة وشدةً، حيث إن أغلب المواطنين في دول مجاورة يلتزمون بقواعد السلامة المرورية، وعند دخول المملكة يتغير الحال من منضبط إلى متهور؛ مما يدل على أن تحرير المخالفات بدون وعي لا يكفي من أجل تقليل نسبة الحوادث المرورية، إذ إن نسبة -لا بأس بها- من المخالفين يُصرون على تجاوز النظام المروري ولا تردعهم المخالفة المرورية، وكأن الأمر يقف على الدفع فقط، وليس حفاظاً على سلامته والآخرين في الطريق. واتخذت "وزارة الداخلية" ممثلةً في الإدارة العامة للمرور خطوةً بربط عدم سداد المخالفات المالية بإجراء عقابي للردع من تكرارها في جميع الخدمات الأخرى مثل "الجوازات" و"الأحوال المدنية"، بعد أن تم ربط الخدمات الحكومية التي تقدمها الوزارة بفرض تسديد المخالفات المرورية، وهو ما كان محل اتفاق البعض، واختلاف الآخرين كونه يسبب تعطيلاً لمصالحهم الشخصية في جهات أخرى لا علاقة لها بالنظام المروري، على الرغم من أن هذه المخالفات قد تؤدي إلى وفاة آخرين لا ذنب لهم. عقوبات حسية ودعا "عبدالله القحطاني" -مدير شركة مقاولات في المنطقة الشرقية- إلى إعادة النظر في مسألة رفع الحد الأعلى للغرامات المالية بداعي التأخر في السداد، مشيراً إلى أن الحق المطلوب سداده يفترض أن لا يتغير مع مرور الوقت، مشدداً على أهمية إيجاد عقوبات حسيّة أكثر من مالية. وقال "أحمد علي": "استغرب من ربط المخالفات ببعض المعاملات الحكومية بسبب مخالفة بسيطة وقد تكون غير مقصودة؛ مما يتسبب في تعطيل مصالح الكثيرين، لاسيما إن كان من ذوي الدخل المحدود فإما أن يسدد ويتورط حتى نهاية الشهر، أو ينتظر الراتب حتى يستطيع التسديد ومن ثم إنهاء معاملته". غياب الرادع وفي الوقت الذي يتقيد الكثيرون بالأنظمة المرورية شديدة الانضباط عند سفرهم خارج المملكة، ربما اتباعاً للرقابة الذاتية أو خوفاً من العقوبة، إلاّ أن ذلك يتحول بمجرد العودة إلى المملكة، ويعود التهور واللامبالاة على الرغم من أن لدينا أنظمة وقوانين لا تتهاون مع المخالفين، إضافة إلى "ساهر" والمرور السري، إلى جانب رفع المخالفات إلى حدها الأعلى في حال التأخر عن السداد، ولكن ذلك كلّه لم يردع المخالفين من الاستمرار في استهتارهم وعدم انضباطهم. وذكر "بشار العبدالله" أن "الرقابة الذاتية" لدى البعض غائبة؛ مما يجعلهم يرتكبون مخالفات غير مسؤولة عند غياب الرقيب كرجل الأمن أو الدوريات، وحتى عند عدم وجود كاميرات "ساهر"، حيث يسببون خطراً كبيراً على أرواحهم والآخرين، وقد يحدثون خسائر ومصائب عديدة. رقابة ذاتية وأوضح "محمد عبدالعزيز" أن من الصعوبة غرس مفاهيم "الرقابة الذاتية" في أشخاص متهورين لا يسمعون النصيحة، والأفضل أن يتم التركيز على الأجيال الناشئة من خلال الأسرة التي يجب أن تكون قدوة في التصرفات والسلوكيات، ومن ثم المدرسة والمجتمع، حيث إن السلوك العام عندما يكون منضبطاً يجعل من أي تصرفات سلبية محطاً للأنظار والاحتقار، وهو ما لا يرغبه أي شخص سوي. وأكد "د.عادل الجمعان" -باحث في المشكلات الأسرية والسلوك الاجتماعي- على أن تكرار الحوادث والمخالفات المرورية من قبل شخص ما يعتبر لا مباليا ولديه مشكلة شخصية يجب معالجتها، مشيراً إلى أن التشهير بالمخالفين يجب أن يسبقه الاهتمام بالجانب التثقيفي وزيادة الوعي لدى المواطن والمقيم على حدٍ سواء، حيث إن معظم الحوادث المرورية يكون أغلب أطرافها أجانب يجهلون لوائح السلامة المرورية، ويأتون من بلدانهم وهم لا يقودون السيارات، وما يلبثون إلاّ وهم يتجولون في شوارعنا، مستشهداً بحادثة انفجار صهريج الغاز في الرياض. جانب تثقيفي وطالب "د.الجمعان" بتكثيف الجانب التثقيفى بعدة لغات للوصول إلى قيادة آمنة، إلى جانب عدم السماح للسائقين الأجانب بقيادة المركبات إلاّ بعد التأكد من إمكاناتهم في ذلك، منتقداً الآباء الذين يقدمون السيارات هدايا لأبنائهم في مقتبل أعمارهم، كونهم يقودونها وهم غير مؤهلين للقيادة، ومن ثم يذهبون ضحية للحوادث المرورية. وأضاف أن التشهير بالمخالفين يُعد جزءاً مكملاً لعملية التثقيف، من خلال عقوبات نص عليها القانون تكفل المساهمة في العقوبة قبل التشهير، ومنها سحب رخصة القيادة وحجز المركبة والغرامات المالية والسجن، وهذه الاجراءات اذا طبقت ولم تردع الشخص فيتم التشهير به وتطبيق أقصى العقوبات عليه، من سجن وغرامات مالية في حال تكررت المخالفات التي تعرض حياته وحياة الاخرين للخطر. ضبط مروري ودعا "م.سلطان الزهراني" -أمين عام لجنة السلامة المرورية بالمنطقة الشرقية- إلى الضبط المروري نحو إيجاد السلامة وتقليل الحوادث المرورية والخسائر في الأرواح والممتلكات، بواسطة استخدام جميع أنواع التقنيات الحديثة، إلى جانب تطوير القوانين، وإيجاد الخطط من قبل المرور والحملات التوعوية. وقال إن توفير التقنيات الحديثة مثل "الرادار" و"كاميرات المراقبة" مهمة، ولكن شوارعنا لا تزال تفتقر إلى لوحات إلكترونية تكشف مواقع الازدحام والاختناقات المرورية، للحث على البحث عن طرق بديلة، موضحاً أن نظام "ساهر" له العديد من الايجابيات في الضبط المروري. تعليم قيادة وحمّل "م.الزهراني" مدارس تعليم قيادة السائقين مسؤولية الحوادث المرورية التي يقعون فيها؛ نظراً لأنهم يستطيعون الحصول على رخص القيادة بأسهل الطرق دون توعية كافية بأهمية السلامة المرورية، مضيفاً أنه في بلدان أخرى لا تمنح الرخصة للسائق إلاّ بعد تدريبه وتوعيته بقواعد السلامة المرورية، ذاكراً أن الأخطاء متكررة والقوانين موجودة، ولكن التطبيق مفقود، حيث تستمر الحوادث والغرامات المالية، دون إيجاد حلول جذرية، مشدداً على أهمية استثمار جزء من مداخيل المخالفات المرورية في البرامج التوعوية واللوحات الإرشادية، بما يسهم في توفير سلامة مرورية أكبر، ويُقلّص نسبة الحوادث والمخالفات. أحمد علي بشار العبدالله إصرار البعض على الوقوف الخاطئ من أكثر المخالفات المرورية (عدسة- زكريا العليوي) فلاشات «ساهر» فرضت هيبة النظام في مواقع محددة م.سلطان الزهراني محمد عبدالعزيز