حسناً فعل مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون في دورته الحادية عشرة (من 3 إلى 7 يوليو) بتكريمه لعدد من المبدعين والإعلاميين المصريين الذين رحلوا عن دنيانا خلال العام الماضي. ومن بين هؤلاء الذين جرى تكريمهم من خلال الفيلم التسجيلي «كنوز الشرق» الذي عرضه المهرجان؛ يتجلى اسم الكاتب عبد الوهاب مطاوع الذي يظل محتلاً مكانه في قلوب القراء المصريين والعرب بعد مرور قرابة عام على رحيله في مطلع أغسطس الماضي. وأمر طبيعي أن يظل مطاوع حياً لدى قرائه، فهو الذي أقام جسور محبّة وعلاقات صداقة معهم، وحكى عن معاناة الإنسان، وهو الذي أمضى أكثر من ثلثي عمره (أربعة وستين عاماً) في بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة) وفي حقل الثقافة والإبداع الأدبي والقصصي حتى صار من أكثر الكتاب تواصلاً مع العاديين والبسطاء الذين كانوا ينتظرون صفحة «بريد الجمعة» في صحيفة «الأهرام» ليطالعوا استعراضه الشيق للعديد من رسائل القراء الذين بعثوا إليه بمشكلاتهم المستعصية وجراحهم المؤلمة آملين في إيجاد حلول شافية لها. وقد برع مطاوع في الكتابة الصحفية الإنسانية التي حصل فيها على جائزة علي ومصطفى أمين، واستخدم أسلوباً فريداً يجمع بين صدق الواقع وتجليات الخيال، وعُرِف بأسلوبه السهل السلس، سواء في كتاباته الصحفية أو القصصية المستمدة غالباً من قماشة الواقع أو في كتابته للسيرة الذاتية. كما أنه من أكثر الكتاب الذين التصقوا بالواقع الراهن وما فيه من علاقات اجتماعية وأسرية وإنسانية، وعبروا عنه بأسلوب تختلط فيه الجدية بروح الدعابة والسخرية، ففي مجموعته القصصية «الأرض المحترقة»؛ على سبيل المثال؛ تناول كثيراً من المشكلات الاجتماعية والنفسية وحكى عن معاناة الإنسان مع نفسه وأقداره وصراعه مع الآخرين، وفي سلسلة مقالاته «من المفكرة الزرقاء» قدم قصصاً وصوراً أدبية واقعية تدور حول محور مهم هو المرأة والحب والزواج، وفي كتابه «عاشوا في خيالي» قدم مجموعة قصص واقعية عن عدد من الأعلام الذين عاش معهم وتأثر بهم في حياته الممتدة، وكذلك الحال في سائر كتبه ومؤلفاته الصحفية والإبداعية، إذ ينطلق دائماً من الواقع باعتباره المنهل الرئيسي للأفكار. ومن أشهر كتبه الأخرى: «قدمت أعذاري»، «أهلاً... مع السلامة»، «العيون الحمراء»، «شركاء في الحياة»، «وقت للسعادة ووقت للبكاء»، «عاشوا في خيالي»، «خاتم في إصبع القلب»، «وحدي مع الآخرين»، وغيرها. ويُشار إلى أن الدار المصرية اللبنانية قد قامت في يناير الماضي بتكريم الراحل عبد الوهاب مطاوع؛ إلى جوار الأديب العالمي نجيب محفوظ؛ خلال مشاركتها في الدورة السابعة والثلاثين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وذلك بعرضها قائمة ضمت عدداً من أبرز مؤلفاتهما الإبداعية والاجتماعية.