هذا لا علاقة له بالشأن المدني أو الشأن المروري، إنه مشهد تحدٍ للانضباط.. مشهد سافر وتحدٍ لكل أشكال الانضباط عندما يتحول الشباب (المفحطون) إلى أداة للجريمة وربما للقتل أين كان العمد أو شبه العمد.. ففي مساء يوم الخميس الماضي وفي تقاطع طريق عثمان بن عفان مع شارع الأمير مقرن بن عبدالعزيز في شمالي الرياض وحوالي الساعة العاشرة والنصف تقريباً جاءت سيارة يقودها أحد الشباب (المفحطين) من الشمال إلى الجنوب وبسرعة جنونية تطاردها سيارة دورية مرور وإشارة المرور اعطت الضوء الأحمر والناس وقوف عندها، فإذا صاحب دورية مرور أخرى يقف في هذا التقاطع. بدأ التحرك قليلاً لاعتراض هذا المتهور المجنون في مشهد مخيف فقام المفحط بتجاوز دورية المرور الاعتراضية بطريقة بلهوانية ومفزعة ثم قام بالاستعراض أمام الجميع بحركة (استفهام) والعودة مرة ثانية مع المسار الآخر وبشكل تحدٍ وازدراء قام أحد ركاب سيارة المفحط بالإشارة بيده لدورية المرور بإشارات استفزازية وحركات غير أخلاقية وتحدٍ سافر مع إطلاق أصوات المنبه وإضاءات التحذير بعد ذلك بدأت رحلة من المطاردات ما بين شاب غير مبالٍ ودورية المرور داخل الأحياء السكنية. هذا أنموذج لعدة حوادث تتم مشاهدتها داخل مدننا ومحافظاتنا دون استثناء.. مفحطون في مواجهة مع دوريات المرور لكن السؤال هل مطاردة المفحطين في أي موقع من بلادنا من مسؤولية دوريات المرور؟ أنا أرى أن مطاردة المفحطين ليست من مسؤولية دوريات المرور لأن المفحطين يصنفون ضمن الفئات التي تخل بالانضباط العام ويشكلون خطراً متوقعاً على الحياة المدنية وقد ينتج عن حوادثهم إما وفيات أو إعاقات أو تشوهات جسدية ونفسية كما انهم يعيقون من حركة السير ويفرضون نمطاً من السلوك على سكان الأحياء السكنية واعتقد أن هذه المسؤولية تقع على أجهزة أخرى هي الدوريات الأمنية تحت أي مسمى والأجهزة السرية وأجهزة المتابعة والتحري. لأن هذا خطر قائم في الشوارع. ومكافحته لا تنتهي بمطاردة متفرقة بل يتطلب الأمر اتخاذ استراتيجية محددة عبر تعاون عدة أجهزة أمنية وعبر مراكز معلومات دقيقة باعتبار هؤلاء المفحطين خطراً يهدد الحياة المدنية ويسلب المواطن والمقيم حقهم الطبيعي في ممارسة حياتهم ويهدد الانضباط الداخلي. فالمرور من خلال أنظمته ولوائحه يركز جهوده في معاقبة مخالفي السير وعدم حاملي رخصة السياقة واستمارة السيارة وتجاوز إشارات المرور وقطعها ومباشرة الحوادث.. أما مطاردة مثيري شغب وسيارات تحمل معها الخطر القاتل أو التشوهات المتوقعة فاعتقد أنه من مسؤولية أجهزة أمنية أخرى لها قدرة على المطاردة والتعقب وتملك سيارات وأجهزة خاصة لهذا الغرض. وتقع على مؤسسات التعليم العام والعالي والتقني مسؤولية إشاعة ونشر ثقافة الحقوق العامة وأدبيات المحافظة على حقوق الآخرين وهذا لا يمنع من إدراج موضوعات في المنهج العام للتعليم تتعلق بالحقوق العامة والعقوبات الجزائية لمخالفي أنظمة المرور.. كما أن الوسائل الإعلامية وخاصة التلفزيون مطالبة بتكثيف البرامج والأفلام المتعلقة بحوادث المرور والعقوبات المترتبة عليها.. وأيضاً عرض مشاهد من الحوادث المرورية التي تحدث يومياً في شوارعنا والتي تنتهي للأسف الشديد بالوفيات والإصابات الخطيرة. لماذا لا يتعاون التلفزيون وأجهزة المرورفي تصوير ونقل مباشر للحوادث الشنيعة وعرضها تلفزيونياً في فترة تواجد الأسرة أمام التلفزيون أو إدراجها ضمن نشرات الأخبار المحلية واعتبارها مادة إخبارية رئيسة للمساعدة في ردع المراهقين وإيقاظ ضمير الآباء والأمهات حتى يكون الأمر ضمن إطار تربوي عائلي بدلاً من إهمالهم إما في قتل أنفسهم أو قتل الآخرين أو جعل الأبرياء مشلولين طوال العمر.. فهؤلاء إذا تُركوا دون مراقبة ومتابعة رسمية واجتماعية قد يتحولون إلى مجرمين لأنهم دائماً وبشكل سافر ومشين يسقطون حقوق الآخرين.