لو دقّق أحدنا في لوحة الآيباد الحديثة لوجد أنها - غرضاً - تُشبه، إلى حد بعيد، وسيلة كتابة كانت تُستعمل حتى عهد قريب بديلا عملياً للورق للتلاميذ الصغار. كانوا يسمونها (لوح حجر). ويستعملون قلماً من الحجر أيضا يكتب به التلميذ ويمسح، ويُصحح له أهله، ويمسحون ويعيدون الكتابة . وهي كانت "التطوّر" أو "النسخة الحديثة لما كان يُسمى لوح الخشب، الذي كان مستعملا في مدارس الكتاتيب . لكن النمط الأول يتطلب عملية طلاء يومي بنوع من الطين يُسمّى الغرين . وعلى الطالب أن يطلي ماكَتب أو ما كُتِب له ويترك اللوح ليجف ليصبح جاهزا لليوم التالي. وزمننا هذا أوضح لنا أن عبئا جسديا للطالب والطالبة تمثل في ثقل الحقيبة المدرسية . وقد تكرر الإفصاح عن خطورة ثقل وزن الحقيبة المدرسية على أجساد التلاميذ بالمرحلة الابتدائية. وثبت أن وزن الحقيبة ببعض المدارس يصل إلى 7 كيلوجرامات، في حين تنصح المعايير الصحية للحقيبة النموذجية بالأكاديمية الأمريكية للأطفال بأن يتراوح وزن الحقيبة ما بين 10 بالمائة إلى 20 بالمائة على أقصى تقدير من وزن الطفل، ولايزيد على ذلك . وأن غير ذلك يحدِث مضاعفات صحية وإصابات بالهيكل العظمي في طور النمو تظهر آثارها السلبية بعد فترة. وقرأنا خبرا محليا يوم السبت الماضي أن طالبا في الأحساء تحدى مراقباً، أو هو مشرفا تعليميا، أن يحمل حقيبته ليوم واحد من وإلىالمدرسة . فإذا كان هذا شعور صاحب الشأن، أي الطالب، فلماذا لا تنظر الإدارات والباحثون بفعل شيء لا يُسبب أخطارا " للهيكل العظمي " تصعب معالجتها فيما بعد أو كما رأت إحدى المديرات بتوزيع أحمال الكتب من خلال جداول مناسبة تراعي وزن الطالب وعمره . ثم إن على أولياء الأمور مراعاة بعض المواصفات الفنية عند شراء الحقيبة المدرسية لأبنائهم، وعند شراء الحقائب المحمولة يجب اختيار الأنواع التي يمكن توزيع وزنها على الظهر بالتساوي ؛ بحيث لا تتسبب في حدوث تشوه للعمود الفقري. كما أن سعر الحقيبة لا يعبر بالضرورة عن ملاءمتها الشروط الصحية. وكنا نظن أن اجتياز مرحلة الخشب ولوح الحجر، والتي اعتبرناها بدائية، هو عبور إلى الأحسن . لكن الذي نرى ونلمس أن ثمن التعلم ليس الرسوم والمراييل والكتب والأدوات ، بل قد يكون الثمن الداء المزمن .. ! لعضلات العمود الفقري للتلميذ والتلميذة.