حظيت الهجرة النبوية المباركة باهتمام كبير في التاريخ الإسلامي لكونها أحدثت فاصلاً مهماً في مسيرة الأمة، وقدمت نقله مهمة للدين الحنيف لذلك وقف جمهرة من الشعراء في كافة العصور بإبراز جوانبها المضيئة فرسموا مشاهدها وآثراها بقوافيهم العذبة وصوروا هذه الرحلة التي نقلت الدين الإسلامي إلى دوحة أرحب وأسست كيانه الجديد أجمل تصوير. ومن جملة هؤلاء الشعراء، الشعراء الحجازيون في العصر الحديث، فقد كان للمكان الذين يعيشون فيه أكبر دافع لتحريض قرائحهم في تصوير هذا الحدث المهم، فقد بث الشعراء عددا من القصائد والرباعيات في دواوينهم، ما جعل الباحث الأكاديمي الدكتور حسين بن حمد دغريري، يقوم بقراءة هذا الموضوع في دراسته علمية لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى حيث قام بإصدارها في كتاب حمل عنوان (الهجرة النبوية في الشعر الحجازي من 1351ه 1419ه) الذي أصدرها مركز بحوث اللغة العربية وآدابها بجامعة أم القرى. وقد توقف الدغريري في هذا الكتاب عند طائفة من الشعراء موضحاً كيفية تناولهم لهذا الحدث المهم ومبرراً اختياره للشعراء في الحجاز من دون غيرهم من إخوتهم الشعراء الآخرين، لكونهم يقطنون في معالم ارتبطت بحادثة الهجرة "مكةوالمدينة وغار حراء وقباء والعقيق".. وهي تتراءى أمام هؤلاء الشعراء بدلالاتها العميقة، إذ هيجت في نفوسهم بواعث الشعر. يقول دغريري في معرض مقدمته: رغبت أن يكون بحث في هذه المرحلة العلمية حول حادثة الهجرة النبوية بآفاقها الرحبة وعطاءاتها الممتدة في التاريخ الإسلامي من خلال تناول شعراء الحجاز في العصر الحديث.. حيث ينطوي الكتاب على بابين واسعين تناول في أوله الشعر وقضايا الهجرة والأحداث الممهدة للهجرة وأسبابها، وكذلك استقبال المدينةالمنورة وفرحتها بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الهجرة لكونها منجز تاريخي لتثبيت دعائم الإسلام وإرساء أسس المجتمع الجديد ودور الهجرة في حركة الفتوحات الإسلامية إلى جانب الهجرة والبواعث والرؤية والإشكالات. أما الباب الثاني - وهو بيت القصيد - فقد جاء دارساً شعراء الحجاز من حيث أدبيات شعر الهجرة النبوية عندهم وكذلك معجمهم الشعري في ألفاظه وتراكيبه وظواهره الأسلوبية.. إضافة إلى الصورة بأنماطها وأنواعها ومقوماتها وجمالياتها.. لينتقل دغريري إلى البناء الموسيقي وأهميته في التشكيل الشعري، والموسيقى الداخلية في شعر الهجرة عند الشعراء الحجازيين وكذلك الموسيقى الخارجية – أيضاً - متوقفا عند الأوزان الشعرية كالكامل والبسيط والخفيف والطويل والوافر، كما توقف عند القافية كالقافية الموحدة التي تلتزم بحرف روي واحد القافية المتعددة كما هو في الشعر المسرحي والتفعيلي.. إضافة إلى أصوات الروي وعيوب القافية. كما درس الباحث في نهاية كتابه أهم ملامح التجديد في شعر الهجرة حيث توصل فيه إلى التجديد في ملمح الوزن وملمح القافية والتشكيل العروضي وملمح الشكل الطباعي.. أما الشعراء الذين تناولتهم الدراسة منهم: محمد إبراهيم جدع، وعبدالسلام هاشم حافظ، وعلي عبدالقادر حافظ، وعبدالحميد الخطيب، ومحمد هاشم رشيد، وطاهر زمخشري، وحسن صيرفي، ومحمد حسن عواد، ومحمد حسن فقي، وإبراهيم علاف، وحسن قرشي، وأحمد قنديل، وعبيد مدني، ومحمد علي مغربي، ومحمد العيد الخطراوي، وضياء الدين حمزة، رجب وعبدالرحمن رفة، وآخرين.