العنوان جملة يكثر سماعها عند تناول حياة المعيشة السابقة والجملة ليست عندنا فقط بل هي ترداد وسرد يدخل ضمن أحاديث القوم من المتقدمين في السن في كل بلد. وبعض الأحيان أسأل نفسي هل سوف تتردد العبارة على ألسنة الأجيال القادمة. الجيل الحالي جيل الدونات والبيتزا والهامبورغر والجينز وما شابه. فما عسى الجيل القادم قائلا. أو أننا وصلنا إلى الترف / الهدف، وأي تغيير قد يأتي بالأسوأ. العبارة التي تدور على ألسنة الشريحة الغربية التي عاشت ما قبل الحرب العالمية الأخيرة هي : Good Old days. وربما كان مقبولاً أن أُترجمها لأقول ( الأيام الخوالي ). ولو أخذناها حرفيا قلنا (أيام الماضي الجميل ). وعندما نسأل أنفسنا: بأيّ شيء كانت جميلة. مع أن القلة والشح والندرة والحاجة كانت الرائدة. فقد يأتي الجواب بأن الموضوع يعود إلى الحنين، وهو المفردة التي رأى فيها بعض علماء الاجتماع أنها هي " الوطان " ( نوستولجيا ) Nostalgia . وهو توق – غير سويّ في بعض جوانبه – إلى الماضي، أو إلى استعادة وضع يتعذّر استرداده. نمارس في أغلب الجلسات والندوات الإجتماعية الحديث عن الماضي نقلع بذاكرتنا.. نتأمل ملامحه ونطيل النظر في تفاصيله التي قد تقيد رسم الابتسامة على شفاهنا حين تمر بذكرياته الجميلة وصوره البريئة الرائعة المحببة إلى نفوسنا. وقرأتُ عن أحد علماء الاجتماع قوله إننا لا نقدر أن نمزق صفحات الماضي من سجل حياتنا فهو تاريخ كتبه زمن، وكتابات الزمن لا تُمحى بسرعة، أو لا تُمحى أبدا، ولن نتمكن أن نمحو صوره الراسخة في ذاكرتنا، ولا أن نلجم فم الذكريات فلا تحدثنا وتبوح لنا، ولا يمكن لروعة الحاضر وصفاته مهما تمتعنا بحداثيتها. في أطعمة المناسبات مثلاً نجد أن طبق الماضي تربّع على موائد الحاضر، مع أن الأخيرة شهية ولذيذة .