فيما قرأت لم أجد امرأة قهرت زوجها حقاً كما فعلت (شقراء بنت الحباب) بزوجها الذي يحبها ويغار عليها ومع هذا تصرِّح بأنها تحب يحيى، وهو فتى وسيم عاصرها في العهد الأموي، وتصرخ ملء الآفاق أنها مغرمة به إلى آخر حد وتقول فيه الغزل وزوجها المسكين يسمع.. وقد استشاط زوجها غضباً وقهراً فأخذ يضربها بالسوط فلم تتراجع أو تقول إنه مجرد كلام بل تحدّت زوجها وصرّحت بحبها للرجل الآخر والسياط تلسعها، وصرخت بعمرو زوجها أنها لن تتراجع عن حب يحيى مهما فعل!! وأنه لن يذلها بضرب السياط بل هي التي - زعمتْ - سوف تذله بمواصلة حبها لغيره حتى يصاب بجنون الغيرة. قالت وهو يضربها: (أقول لعمرو والسياطُ تلفُّني لهُنَّ على متنيَّ شرُّ دليل: فاشهد - يا غيرانُ - أني أحبه بسوطك فاضربني وأنت ذليلي!) فهددها زوجها المقهور إن قالت في يحيى هذا بيتاً واحداً أو ذكرته مجرد ذكر أن يُقَطِّع لسانها تقيطعاً ويرميه للكلاب! ومع ذلك لم تهتم به.. ولا بتهديده.. بل قالت بعد يوم من ضربها، حين علم محبوبها يحيى فهرب إلى بلاد أخرى خوفاً من زوجها: خليليّ إن أصعدتما أو هبطتما بلاداً هوى نفسي بها فاذكرانيا ولا تدعا إن لامني ثم لائم على سخط الواشين أن تعذرانيا فلقد شف قلبي بعد طول تجلدي أحاديث من يحيى تُشيب النواصيا سأرعى ليحيى الود ما هبت الصبا وإن قطعوا في ذاك عمداً لسانيا)! أعوذ بالله من المرأة السوء! ومن الرجل الضعيف! حقاً إن الرجل قادر على تحطيم قلب المرأة ولكنها قادرة على تحطيم عقله!