تحاول وزارة العمل جادة أن تحد من العمالة الوافدة التي تملأ طرقات المدن والقرى والأرياف.. بدءاً بخطوة فرض السعودة التي جاءت بحسن نية وخرجت بأسوأ نتيجة وانتهاء برفع الضريبة بأكثر من عشرين ضعفا. رجال الأعمال بدأوا يبحثون عن السعوديين الجادين ولما أعياهم البحث جاءوا بحل سعودي بامتياز. مكتب العمل يحتفظ بقائمة عديمة النفع من الشباب السعودي لتوظيفهم، وقام بعدة خطوات تضمن توظيفهم من دون مطالبتهم بأداء عمل. الحقيقة أنك عندما تستمع لأصحاب المشاريع ومعاناتهم مع الموظفين الموجهين إليهم من مكتب العمل تصاب بإحباط شديد. لقد زرعت وزارة العمل ثقافة العامل الكَلّ. بل لقد أصبحت وزارة العمل وسياسة السعودة تطبيقا حرفيا لقول الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْر) النحل 67 ومع ذلك لايزال الوطن يئن تحت وطأة تلك العمالة يضاف إليهم مئات الآلاف من المتسللين والمتخلفين والهاربين من وكلائهم. ومن دون أن تُقيم أعمالها قامت وزارة العمل فجأة برفع تكلفة العمال الذين يزيدون على عدد السعوديين إلى 2400 ريال سنويا بدلا من 100 ريال هذا عدا تكلفات الفيز والإقامة. فلننظر أثر ذلك على العمالة والأعمال في المملكة. نأخذ مثلا رجل أعمال أو مقاول لديه 150 عاملا ولديه مصنع أو مشاريع. يتحتم عليه أن يدفع 324 ألف ريال سنويا تضاف إلى المصاريف الأخرى. وهذا سيقضي على الأعمال المتوسطة بالذات. في المقابل هناك من يحصل بطريقة ما على مئات وأحيانا آلاف "الفيز" بمشاريع وهمية. ثم يسرحهم ويطالبهم بمبلغ شهري. هذا العابث لن يتأثر بهذا القرار لأنه سيطالب العمال المسيبين بتسديد تلك الرسوم. إن وزارة العمل بهذه الخطوة إنما تقضي على الجادين وتشجع العابثين. يا وزارة العمل أليس فيكم رجل رشيد؟! لماذا لا تقومون بتقييم خطة السعودة ومردودها على الوطن والمواطن، وتأثيرها على الاقتصاد الوطني. للأسف فإن وزارة العمل على امتداد عمرها تتدهور بشكل يحير العاقل ويجعلنا نتساءل للمرة الألف أليس من رجل رشيد. لماذا لا تنسق وزارة العمل مع الجهات الأمنية المسؤولة للقضاء على العمالة السائبة التي تشكل خطرا أمنيا وديموغرافيا على الوطن؟ لماذا لا تحاسب عمالها السعوديين الكَلّ الذين تفرضهم على المؤسسات ورجال الأعمال؟ في كل بلد يعاقب من يخالف أنظمة الاستقدام بغرامات مالية وبالسجن إلا عندنا يعاقب صاحب العمل على هروب عماله. لقد ضيقت وزارة العمل على المخلصين وكأنها تفتح الباب على مصراعيه للعابثين.