- لا يمكن إغراء الفتاة أو الشاب للانخراط في العمل براتب يقل عن 3500 ريال . - يا ليت كل هؤلاء المستقدمين منتجون.. كلهم متسكعون بالشوارع وأغلبهم مشترون للتأشيرات. - إذا استمرت سياسة الإستقدام كما هي فالأفضل أن نطلق على "وزارة العمل" وزارة الإستقدام . - الشاب لا يمانع أن يعمل براتب قليل إذا عرف أن الفرصة أمامه واضحة. - المشاريع الخدمية بالقرى والمناطق النائية ينبغي أن تتم بأيدٍ سعودية. حوار : البندري سعود - سبق: قال عضو مجلس الشورى السابق ورجل الأعمال المعروف الدكتور عبد الرحمن الزامل إن عدد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص أكثر من 800 ألف مواطن ومواطنة، مشيراً إلى أن المرأة منحت الفرصة في العمل بنسبة تعدت 30% خاصة في العمل التجاري والعقاري . وطالب الزامل خلال حوار مع "سبق" بدعم الشباب والفتيات في المدن النائية، لافتاً إلى أن نسب البطالة فيها تتعدى ال20 % بينما تقل في المدن الرئيسية عن 5%. ودعا الزامل الحكومة لإعطاء الشباب والفتيات السعوديات الفرصة الأولى في كل عقودها للصيانة والتشغيل، ودعم الأسر المنتجة وإعطاءها الأولية بشراء منتجاتها. وحذر الزامل من ازدياد العمالة "المتسكعة" بالشوارع، واصفاًً وزير العمل الدكتور غازي القصيبي وزملاءه بالوزارة بالمجاهدين. وفيما يلي نص الحوار : * وافق مجلس الوزراء على إستراتيجية التوظيف السعودية، هل لديكم معلومات عن أبرز النقاط لهذه الإستراتيجية؟ وكم المدة الزمنية لها؟ - بالفعل صدرت موافقة مجلس الوزراء على إستراتيجية التوظيف السعودية بتاريخ 5 /8/1430ه بقرار رقم 260 بعد دراستها من اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى، ولقد تضمنت هذه الإستراتيجية عدة محاور، منها تشخيص إشكاليات سوق العمل، والقوى المؤثرة فيه، والمتطلبات الأساسية لحل إشكاليات سوق العمل السعودية وحددت الأهداف البعيدة والمتوسطة للتوظيف، وتطرقت بتفاصيل كاملة لكل الآليات والسياسات المطلوبة لتحقيق الأهداف التي حددتها الإستراتيجية بتفصيل كبير، ولم تنس الإستراتيجية التطرق لأمر مهم وهو المتابعة والتقويم عند البدء في مراحل التنفيذ، وكذلك التكلفة المتوقعة لهذه الخطة والعناصر التي ستؤدي لنجاح هذه الإستراتيجية سواء منها المتعلق بوزارة العمل أو الأجهزة الحكومية الأخرى، أو العناصر التي تتعلق بالوضع الاجتماعي- الاقتصادي أو الجوانب المالية أو السياسية والتوطين، وبإمكان المهتمين الاطلاع على التفاصيل في الموقع التالي التابع الوزارة العمل: www.mol.gov.sa . أما بالنسبة إلى تنفيذ الإستراتيجية حسب ما جاء في الاقتراح الحكومي فهي تتضمن: خطة تنفيذ قصيرة المدى للعامين الأول والثاني، وخطة تنفيذ متوسطة المدى للأعوام الثالث حتى الخامس، أما بعيدة المدى فهي تنقسم لقسمين : الفترة الأولى الأعوام 6 – 15. الفترة الثانية الأعوام 16 – 25. وفي رأيي الشخصي أن إصدار الإستراتيجية لا يعني التنفيذ أو المتابعة في دول العالم الثالث.. فكثيراًً ما تنتهي هذه الإستراتيجيات على الرفوف، لأن أكبر عائق يواجهها مقدرة استيعاب موظفي الوزارة ومدى قناعتهم بما أنتجته اللجنة الأكاديمية وكذلك العوائق المالية وصعوبة اعتماد الأموال المحددة والمطلوبة, وكلي أمل في أن ترى هذه الإستراتيجية النور لأنها بالفعل عملية ومطلوبة . ولضمان نجاح هذه الإستراتيجية وإعطائها قوة الدفع فعلى الوزارة أن تبدأ بأهداف معينة ذكرت في الإستراتيجية وأهمها هدف السيطرة على البطالة، وهذا يتطلب تقليل أعداد الإستقدام لكل القطاعات ومحاربة المتخلفين من الحج والعمرة والمتسللين . * وبماذا تفيد مثل هذه الخطوات؟ - أول شرط لنجاح التوطين والتوظيف هو خلق ندرة في العمالة في السوق، فهذا سيدفع رجال الأعمال للسعوديين وتدريبهم.. صحيح أنه سيرفع التكلفة مرحلياًً، لكن العائد على الاقتصاد العام سيكون عظيماًًً وأثره على القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والمقاولات والخدمات الرئيسية محدودة؛ لأن هذه القطاعات وتمثل نحو 7000 شركة أو مؤسسة، تحقق شروط السعودة ونسبتها، لذلك سيتمكنون من الحصول على العمالة المطلوبة، وتضييق الخناق سيكون على تجار التأشيرات وتجارة البشر الذين يستغلون السجلات التجارية والرخص البلدية وأحقيتهم في إستقدام العمالة الذين ينتهي أغلبهم في الشوارع. * يكثر الحديث عن المطالبة بتوطين الوظائف من جهة، ومن جهة أخرى هناك من يرى بتضييق الجهات المختصة على إعطاء الفيز للعمالة غير الوطنية، وهذه بالطبع ثنائية متناقضة.. إلى أي شق تميل أنت كرجل أعمال سعودي؟ - كما ذكرت سابقاًً.. لن تستطيع أن توفر وظائف للسعوديين سواء كانوا رجالاً أو نساء والاستقدام مفتوح والتخلف موجود, فالبطالة الكبيرة بين السعوديين في القرى والمناطق البعيدة سببها عدم وجود أنشطة رئيسية للقطاع الخاص، وكل الأنشطة المتوافرة في قطاع التجارة والخدمات والصيانة المتوسطة يجب أن يعمل بها أهل المدينة أو القرية بمساعدة بعض المستقدمين لا أن يترك للمستقدمين احتكار كل هذه الخدمات في القرى ونتوقع توظيف السعوديين وبرواتب قليلة.. أقولها بكل صراحة إذا استمرت سياسة الاستقدام كما هي فالأفضل أن نطلق على وزارة العمل وزارة الاستقدام وننسى كل شيء متعلق بالإستراتيجية "والله يعين المواطنين الذين لن يجدوا أمامهم إلا الفقر والبطالة واليأس"، ونتائج هذه الأمور كبيرة على المجتمع وأول المتضررين هم رجال المال والاقتصاد, فالمجتمع ينمو والاقتصاد ينمو في جو من الطمأنينة وسعادة الشعوب فقط. ولا يمكن أن ينمو بسلام وأكثر الشباب يشتكي الفقر والبطالة. * هناك إحصاءات تقول إن نسبة المقيمين أربعة مقابل كل مواطن. كيف ترى هذه الإحصائية؟ - هذه مصيبة كبيرة.. ويا ليت كل هؤلاء المستقدمين منتجون, كلهم متسكعون بالشوارع وأغلبهم مشترون للتأشيرات، والكل يعلم بذلك، وعصابة التأشيرات يطلق عليها في إيطاليا وروسيا بالمافيا فهي موجودة ومستفيدة هنا، ونحن نتحدث عن بلايين الريالات, محاربتهم ستكون صعبة بعد أن تغلغلوا في المجتمع وأصبح لهم مساندون من ذوي النفوذ تحت غطاء التجارة، وتساعدهم الأساليب الفاسدة التي بدأت تظهر للجميع في سوقنا "فالله يعين حكومتنا والدكتور غازي القصيبي وزملاءه فهم بالفعل مجاهدون ". * هناك بعض الجهات الخاصة تبنت مشاريع لإعطاء المواطن فرصة للعمل الخاص من خلال إعطاء الموارد والدعم المقنن لهؤلاء الشباب للقيام بمشاريعهم.. كيف ترى هذه الخطوة؟ وهل أثبتت جدواها؟ - كثير من المؤسسات الكبيرة والشركات المساهمة بالفعل قامت بمجهودات طيبة في برامجها للتوطين، ولذلك نرى أن أعداد السعوديين الذين يدخلون سوق العمل سنوياًً لا تقل عن 75 ألف شاب, وبذلك أصبح عدد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص أكثر من 800 ألف مواطن ومواطنة حسب الإحصاءات المتوافرة، وهذه الأعداد والبرامج بالإمكان أن تزداد إذا قامت الحكومة بتنفيذ حوافز معينة مثل تنفيذ إعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية في كل المشاريع الحكومية وإلزام المقاولين والإستشاريين بذلك مع اشتراط نسب أعلى للسعودة، وكذلك إعطاء أفضلية للمقاول السعودي الذي يحقق نسبة معينة للسعودة، لا أن يعطى المورد الأجنبي الحق في توريد منتجه لمشروع حكومي لأنه أقل تكلفة ب 5 أو 10 % ويتجاهل المنتج الوطني الذي تحمل تكلفة العامل السعودي، وكلنا نعرف أن تكلفته هي خمسة أضعاف أي عمالة في البلدان الأخرى مثل الصين أو الهند وهكذا . وكذلك بدأنا نرى برامج مثل برامج دعم الأسر المنتجة التي بدأت تنتشر في جميع أنحاء المملكة، وكذلك برامج تمويل مشاريع الشباب والفتيات من خلال الشركات أنفسها أو من خلال برامج مؤسسة المئوية التي يترأسها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز وغيرها الكثير.. المهم علينا كمواطنين ومسؤولين أن نقدر هذه الخطوات وأن نعطي أصحابها الأولوية في العمل وشراء منتجاتهم . * القطاع الخاص أعطى المواطنة فرصة للعمل وهذا عكس ما نراه في القطاع العام ماعدا قطاع التعليم بالطبع.. كيف ترى إمكانية خلق الفرص الوظيفية للمرأة في القطاع العام؟ - قناعتي أن المرأة قد أعطيت الفرصة ولله الحمد، فنسبتها في الأعمال التي تتناسب وظروفها الاجتماعية الخاصة بنا تعدت 30% من القوى العاملة الحكومية أو الخاصة, وبدأت تأخذ دوراً نشطاً في العمل التجاري والعقاري من خلال إدارة مشاريعها عن بعد أو غيرها, مشكلة توظيف المرأة هو الراتب كما هي للشاب، فلا يمكن إغراء الفتاة أو الشاب للانخراط في العمل براتب يقل عن 3500 ريال، بالإضافة إلى سكن ومواصلات, فلو وفروا هذا المبلغ فلن يكون هناك أي عائق، وكذلك لا ننسى أن عقود الحكومة للصيانة والتشغيل للمستشفيات والمدارس والمؤسسات الأخرى تدار بعقود خاصة توظف أجانب فقط، وهنا لا بد أن تقوم الدولة بتحديد وظائف محدودة وبنسبة 20% من عقودها وتحجزها للشباب والفتيات كل حسب إختصاصه، وتحدد الرواتب مقدماً في العقد من قبل الدولة فهي التي ستدفع في النهاية، ولتتنافس الشركات على النسبة المتبقية وهي 80%، وإذا لم توظف الشركة الفائزة بالعقد كل الموظفين السعوديين حسب العقد فتخصم رواتبهم وتطبق غرامة 10% على الشركة، وهذا ما هو مطبق في شركة أرامكو والشركات التابعة لها، والمؤسسة العامة للموانئء، وهيئة الطيران المدني، لذلك تجد أن نسبة السعودة في عقودهم عالية وكلهم مؤسسات حكومية، فلماذا لا تطبق على الجميع بنظام واضح؟ إن هذه الخطوة ستضمن توظيف ما لا يقل عن 50 ألف شاب وشابة. * ذكرتم في إحدى المقابلات التلفزيونية أن الشاب السعودي يستطيع العمل إذا وفرت له الظروف الملائمة من تدريب ودعم مادي ومعنوي واستشهدتم بالشباب السعودي الذي يعملون لديكم.. هل تعتقد أن الشاب السعودي قد أجحف حقه بإطلاق التأكيدات على فشله حتى قبل شروعه في العمل؟ - شخصياً ومن تجاربي خلال السنوات الثلاثين الماضية مع الشباب السعودي وعملهم معي في الشركات لا أجد منهم إلا كل خير, العيوب التي يشتكي منها الآخرون نحن نلاحظها أيضاًً، لكن إذا بدأنا نعالجها فسنجد الشاب جاهزاً للعمل والإنضباط , فكل ما يريده الشاب هو عمل واضح وتدريب وراتب معقول وكل المزايا التي يضمنها نظام العمل.. الشاب لا يمانع أن يعمل براتب قليل إذا عرف أن الفرصة أمامه واضحة وأنه بعد سنوات قليلة سيصل للمستوى الذي يتوقعه، وتجارب الشباب في الصناعة عموماًً خاصة الشركات العملاقة مثل أرامكو، سابك، البنوك، الشركات المساهمة الأخرى والعائلية كلها أمثلة تدل على ذلك وأن الأعداد التي ذكرناها من العمالة التي تعمل في القطاع الخاص دليل على إنتاجية السعوديين وتقبل السوق له. * يتمركز قطاع الأعمال والصناعة بالمدن الصناعية بالقرب من المدن الرئيسية، مما يضطر الراغب في العمل إلى ترك قريته والانتقال إلى تلك المدن، مما ينتج عنه آثار جانبية خصوصاًً إذا ما رأينا البنى التحتية للمدن والازدحام وهجر القرى, بينما نرى بالدول المتقدمة والدول ذات الاقتصادات الناشئة تركيزهم على توظيف أهل القرى بقراهم لتكون هناك منظومة اقتصادية اجتماعية في قراهم.. هل تم طرح مثل هذه الأجندة داخل مجتمع الأعمال وتوطين الوظائف؟ - بالفعل؛ المشكلة الرئيسية هي توجه كل الإستثمار في القطاع الخاص للمدن الكبيرة، حيث السوق والملاك, وهذا بالفعل يخلق مشكلة للشاب والفتاة, فمن الصعب أن ينتقل السعودي إلى أية منطقة صناعية والعيش في مجمعات عمالية مثل الأجانب، ومن الصعب أن يعيش بعيداً عن المنطقة الصناعية, حيث أقاربه وعائلته؛ لأنها مكلفة في النقل والوقت, لذا نجد السعودي يعمل بنسبة كبيرة في المناطق السعودية القريبة أو التي في وسط المدن الرئيسية، فالحل الأفضل هو أن تقوم هيئة المدن الصناعية بالتنسيق مع صندوق تنمية القوى البشرية ببناء وحدات مناسبة لسكن الشباب السعوديين، خاصة القادمين من المناطق النائية في المناطق الصناعية لتشجيعهم على البقاء في المنطقة والذهاب إلى أهاليهم في نهاية الأسبوع. كذلك لا ننسى أن البطالة الرئيسية في مجتمعنا في المناطق النائية والمدن الصغيرة, حيث تتعدى النسبة ال 20%، في حين أنها في المدن الرئيسية أقل من 5%. لذلك واجب على الدولة أن تعطي الشباب والفتيات السعوديات الفرصة الأولى في التوظيف في كل عقودها للصيانة والتشغيل لهم في هذه المناطق وإعداد برامج للتدريب على رأس العمل . وكذلك لا ننسى ما ذكرت سابقاً وهو أن يقلل عدد تأشيرات الإستقدام لكل المؤسسات الصغيرة في المناطق النائية والمدن الصغيرة لإعطاء الفرصة للمواطن لتملك وإدارة البقالات والصيدليات والمطاعم، وهكذا.. فمنها ينمو هؤلاء الصغار ويصبحون تجاراً ورجال الأعمال. إن قصص السعوديين الذين تحولوا من عمالة بسيطة أو ملاك صغار إلى كبار المستثمرين لا تعد ولا تحصى وأهمها ملاك شركة هرفي التي ستتحول إلى شركة مساهمة هذا العام. فملاك هرفي بدأوا بموقع واحد واستمروا في التوسعة حتى أصبحوا أكبر منافس لمراكز الأطعمة المشهورة عالمياًً، وكذلك مطاعم كودو وبندة للأسواق قبل شراء صافولا لها، وهكذا، كلها بدأت بشباب صغار. أما أعداد الشباب الصغار الذين بدأوا شركات مقاولات أو صيانة ثم تحولوا إلى شركات متوسطة فلا تحصى . * الاقتصاد هو العمود الفقري لحياة المواطن والوطن ولكن المواطن تنقصه ثقافة الحس الوطني الاقتصادي، مما جعله يتساهل مع الوافدين بمنحهم اسمه لإقامة مشاريع.. فمن المسؤول على أقل تقدير عن جهله؟ - إن ما يهدد اقتصادنا النامي والقوي- ولله الحمد- هو الإستقدام غير المنظم والتستر والفساد، فكلها تؤدي للبطالة الخطيرة.. فلا يعقل ولا يقبل أن يكون لدينا في المملكة فقير أو عاطل عن العمل.. كل ذلك كان نتيجة فقدان الشعور بالمواطنة والإنتماء.. الإمكانات هائلة، ولقد عملت شخصياً بالحكومة سنين طويلة وبدأنا برامج كثيرة ووظفنا الآلاف ولم نجد أي عائق نظامي، بل وجدنا كل تقدير واحترام من القيادة التي وفرت الأموال اللازمة لتقديم كل الخدمات المطلوبة للمواطنين.. مشكلتنا مع أنفسنا كمواطنين وكمسؤولين عن هذه الأجهزة الحكومية أو الخاصة، هي مدى اهتمامنا بشبابنا وبناتنا.