تحتاج الأنظمة العمالية لتدخل المنظم تبعا لتطور الحياة الاقتصادية، باعتبار أن القاعدة النظامية تلبى الحاجات القائمة، وحيث أن المنظم السعودي عالج مسألة إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل في المادة (83) وبالإرادة المنفردة للعامل في المادة (84)، ونظر لأن الكثير من القضايا العمالية تتعلق بالطعن في عدم مشروعية قرار الفصل، خاصة في العقود المحدد المدة، أما العقود غير المحدد المدة فتنتهي بوجود السبب المشروع، وإخطار الطرف الذي يريد فسخ العقد الطرف الآخر كتابة قبل فترة محددة بالنظام. وقد حددت المادة (83) الحالات التي تعطي لصاحب العمل الحق في إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة، ومن ذلك اعتداء العامل على مخدومه أو أحد رؤسائه بشرط أن تتحقق أثناء ساعات العمل أو بسببه، أو إذا لم يؤد العامل التزاماته الجوهرية المترتبة عليه في عقد العمل ويندرج تحت هذه الحالة عدم طاعته بأوامر العمل، أو قيام العامل بفعل مخالف لمبادئ الشرف والأمانة، كذلك قيام العامل عمدا بفعل ايجابي أو سلبي قاصدا به إلحاق خسارة مادية لصاحب العمل وإن لم تتحقق النتيجة، كذلك إذا تعاقد لصاحب العمل مع العامل بناء على مستندات مزوره، أو في حال غياب العامل عن العمل دون سبب مشروع لمدة عشرة أيام متتالية أو عشرين يوما متفرقة خلال السنة الواحدة ، كذلك إذا غادرة العامل المستشفي أو المكان الذي أعد لعلاجة بدون إذن المشرف على العلاج ممايعنى إن العامل قد شفي تماما مما يستلزم عودته للعمل! أو يعني بالمقابل أنه كان يصطنع الحالة المرضية، كذلك يحق لصاحب العمل فصل العامل إذا كان في فترة التجربة «ثلاثة أشهر» وأخيرا إذا قام العامل بإفشاء الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل مما يترتب عليها ضرر على صاحب العمل بصورة حالة أو احتمالية، ومسأله ما يعتبر من أسرار العمل مسألة نسبية تختلف حسب طبيعة العمل ووظيفة العامل وهي تخضع لسلطة اللجنة العمالية التقديرية. وفي حالة توفر واحدة من هذه الحالات اشترط النظام أن يعطى العامل الفرصة الكافية لكي يبدي أسباب معارضته لذلك الإنهاء وعدم قيام الحالة المعنية بحقه وهذه المهلة ليست إنذاراً له ولكن المنظم السعودي أراد أن يجعل تطبيق المادة (83) في أضيق نطاق وبشروط دقيقة وبشيء من العدالة فأوجب أن تتاح للعامل الفرصة للاعتراض على سبب إنهاء عقده لتحقق اللجنة الابتدائية من صحة توافر الحالة، وهذا الاعتراض لا يشترط له شكل معين ويكون لدى صاحب العمل نفسه. ويترتب علي فصل العامل بقرار من صاحب العمل بالاستناد على أحد الأسباب الواردة في المادة (83) من نظام العمل والعمال، سقوط حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة أو التعويض عن أي ضرر يلحق به جراء فصله عن العمل بأحد تلك الأسباب كما أن فصله يتم دون إنذاره بل يسرى في حقه فورا دون ضرورة إنذاره. ونلاحظ من خلال التطبيق العملي أنه إذا كانت هذه المادة (83) أعطت صاحب العمل الحق في إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة وقبل انتهاء مدة العقد باعتبارها استثناء فلا يجوز التوسع في تفسيرها، حيث أن صاحب العمل عند فصله للعامل عن العمل يتعلل بأحد الأسباب الواردة في تلك المادة وهو في ذلك لايخرج عن فرضيتين، الأولى أن فصله للعامل فعلا يستند على أحد تلك الأسباب الوادرة في المادة، ولكن لم يراعى في ذلك توافر شروط السبب واتباع الخطوات التي حددها النظام، الثانية في حالة رغبة صاحب العمل التخلص من العامل لأي سبب فيحاول أن يختلق وقائع لتوفر له واحداً من تلك الأسباب حتى يبرر فصله للعامل دون مستحقات، وهو لاينجح في هذا الدفع غالبا. ونقترح أن يقوم المنظم السعودي بوضع حد أدنى لمقدار التعويض الذي تحكم به اللجان الابتدائيه عند عدم وجود السبب المشروع لفصل العامل بموجب المادة (83) وتعطى تلك اللجان سلطة تقديرية للحد الأعلى للتعويض، وفي اعتقادنا أن ذلك الحد الأدنى يكون كعقوبة أو تعويض لقرار الفصل الذي لم يثبت مشروعيته. وأخيرا إصدار قواعد نظامية تعتبر العامل على رأس العمل في حالة صدور قرار قطعي لصالحه وأن يكون ذلك قاصراً على حالات الفصل غير المشروع، حيث أن المادة (75) من نظام العمل والعمال مقروءة مع المادة (58) من لائحة الإجراءات الملحقة بالنظام نفسه، تشير إلى أن اللجان العمالية عندما تتيقن من أن فصل العامل كان بناء على قرار غير مشروع تصدر قراراً بإبطال قرار الفصل، وهذا لا يعني بأي حال حسب الواقع أن يعاد العامل إلى رأس العمل رغما عن العمل. مع أن ظاهر النص يفيد ذلك وهذا يحدث ربكة في التنفيذ.