حسرة وخيبة كبيرة تحوم على المحطات والإذاعات الأمريكية الداعمة للحزب الجمهوري بعد الهزيمة المذلة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. معروف أن هذه الجهات الإعلامية لا تعترف بالنقد الذاتي، وتفكر بطريقة "أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم"، وتهدف إلى شيطنة خصومها الليبراليين ووصفهم بالمهددين للقيم الأمريكية الأصيلة. كل هذه الاستراتيجات فشلت فشلاً ذريعاً، مما دفعت قيادات المحافظين من ساسة وإعلاميين، ربما لأول مرة في تاريخهم، بالحديث بصراحة عن هذا الفشل وإلقاء اللوم على بعضهم، حتى المذيع الجمهوري الأشهر راش لميبو بدأ بتلقي الصفعات وأخذ يرد بجنون على منتقديه بالقول "هل أنا سبب الهزيمة؟!". لماذا يقول راش لميبو مثل هذا الكلام؟. هناك من الجمهوريين من بدأ يرفع صوته قائلاً إن الإعلام الذي يقدمه لميبو أخاف المجموعات المتأرجحة بين الديموقراطيين والجمهوريين في الانتخابات الأخيرة، دفعتهم إما إلى التصويت لأوباما أو المكوث في المنزل والامتناع عن التصويت كلياً. ليس راش لميبو وحده، ولكن شون هانيتي وبيل أورايلي وغيرهم من مشاهير المحافظين عملوا بكل جهدهم لتلويث صورة الديمقراطيين، ولكنهم أثبتوا أنهم حمقى ومغفلون بكل معنى الكلمة، لأنهم أصابوا المحايدين بالرعب من رومني الجمهوري. رومني الذي يعرف الجميع تقريباً أنه أكثر اعتدالاً في الواقع، اضطر لمسايرة هذا الإعلام لأن ليس لديه أي خيار آخر، خصوصاً وأن الصحف والمحطات الليبرالية كانت تلاحقه على كل كبيرة وصغيرة. رومني كان يبحث عن أنصار حتى لو كانوا مثل شخصية مضطربة مثل دونالد ترامب، ولكن ما هو البديل؟. القصة لا تنتهي هنا، فالإعلام الليبرالي أثبت أنه أخبث مما كان مُتصوراً عنه، لقد تعمد أن يدفع هؤلاء للجنون أكثر، وقام أيضاً بتغطية مكثفة لبرامجهم وتعليقاتهم المجنونة. قناة أم أس إن بي سي تعلق دائماً على ما تقوله الشخصيات الجمهورية، وفي أحيان كثيرة تصنع من "الحبة قبة"، ولكن الخبثاء كانوا يعملون طوال تلك الفترة الماضية على شيطنة الجمهوريين كلهم وتخويف الناس منهم. راشيل مادو، الصحافية الذكية، كانت هي رأس الحربة في كل هذه الحرب، لأنها عملت بشكل غير منقطع على محاربة الأسماء الجمهورية ودعوتهم إلى برامجها، ومن ثم النيل منهم باسم زواج المثليين أو حق الإجهاض أو نظام التأمين الصحي. كانت لوحدها ماكينة إعلامية هائلة، ولو كنت مكان أوباما لسلمتها أعلى الجوائز. بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، قال أحد المذيعين المحافظين مخاطباً المشاهدين "الجمهوريون ليسوا عنصريين.. الجمهوريون ليسوا ضد الفقراء.. الجمهوريون ليسوا ضد المهاجرين.. الجمهوريون أيضاً لا يكرهون الكلاب!" للتو يكتشف هذا المذيع المصدوم أن الإعلام الليبرالي الذكي كان يدمر صورتهم بشكل مستمر حتى جعلت البعض يعتقد أنهم ينوون أن يعيدوا نظام العبودية لأمريكا!. هناك أسباب كثيرة أدت للهزيمة، ولكن الجانب الإعلامي كان له دور مؤثر. يقال إن الجمهوريين يبحثون عن مرشح جديد للانتخابات القادمة يستطيع أن يكسب قلوب الناخبين السود والمهاجرين ومجموعات من الليبراليين الذين خسرهم رومني تماماً. بمعنى آخر، هناك بحث عن مرشح جمهوري شاب بنكة عصرية وأقل حدة من السابق. هذا يعني أن الطرح الإعلامي الهستيري المحافظ سيضعف بدوره، لأنه فشل في تسويق المرشحين الجمهوريين في السابق، حتى لو كانوا بجحم رومني، بل وأخافوا الناخبين منه، ومن الأكيد أن هذا الإعلام لن يكون نافعاً في المرحلة المقبلة. راش لميبو