يرى كثير من الناس أن سياسة الرفض هي أفضل طريقة للتحدث مع الناس، في ظل عدم وجود أسباب حقيقية لذلك، وهو ما يجعل الآخرين يجدون صعوبة كبيرة في التحدث معهم، حيث شعار أولئك المتغطرسون: "رأيي وبس"!. هؤلاء المكابرون نجدهم يتمسكون بمبدأ "خالف تعرف"؛ ليجنوا العداوات والهجوم ممن يختلف مع آرائهم، وهو ما يدعوا إلى التحلي في الحديث معهم، وعدم الاندفاع في الرد عليهم، حيث طبيعة الرفض تنم عن شخصية سلبية، معاندة، لا تسمح للآخر أن يعطي ويأخذ في أطراف الحديث. وكثيراً ما يحدث الاختلاف بين الأشخاص بسبب عدم الوضوح والمصارحة وتقديم المعلومة المناسبة، وهو ما يحتم توضيح بعض النقاط التفصيلية، حتى يحظى الشخص بالموافقة والقبول والتفهم، كما أنه من المهم وعند التعامل مع الناس، أن نكون واضحين، مع تزويدهم بالمعلومات المطلوبة والصعوبات التي نواجهها، إضافةً إلى تقديم المساعدة التي نحتاجها، حتى نجعل الآخر إيجابياً أثناء حديثه معنا. لا تتعبوا أنفسكم في الرد عليهم.. طبيعتهم النفسية معاندة ولا تسمح للآخرين الحديث معهم معارضة مستمرة وقال "عبدالعزيز حسين" - شاب في العشرينيات: إنني أعاني كثيراً من رفض والدي المستمر لكل أفعالي، أو توجهاتي، مضيفاً أنه كان يتمنى وجود مناقشة منطقية معهم، ليسمع تبرير رفضهم، مبيناً أنهم لا يفكرون بطرح حلول أخرى، وكل ما يسمعه هو "لا" فقط!. وتحكي لنا "أم يوسف" قصة زوجها الذي يرفض دخول التلفاز إلى المنزل، متناسياً أن الأطفال يحتاجون للترفية وليس المذاكرة وقراءة الكتب، مضيفةً أنها طرحت عليه مراراً وتكراراً أن يسمح بدخول التلفاز عن طريق قنوات معينة، التي تعتني بجميع فئات المجتمع، إلا أنه مازال يرفض ولا يقدم حلولاً أو تبريراً. شخص مكابر رفض وجهة نظر غيره وغادر المكان نماذج متكررة وأشارت "أمل عوض" إلى أن الرفض غير المبرر من الأهل تجاه أبنائهم له أمثلة كثيرة، منها من يرفض ويعارض خطاب لبناته، أو استخدامهن التقنية الحديثة، أو خروجهن للعمل، مضيفةً أن هناك أناساً تتعدد وجهات نظرهم حول الأمور المطروحة عليهم، فهناك المدير المستبد برأيه، وهناك المسؤول الذي لا ينظر للأمور بنظرة مستقبلية، كما نجد أيضاً الموظف الخائف من تقديم خطوات للأمام، وغيرها من نماذج نجدها تتكرر كل يوم، مشيرةً إلى أن هناك من يرفض التغيير؛ لأنه لا يملك المقدرة على التأقلم مع المتغيرات ولا يملك المرونة، ليعيش حقيقة أن الزمن لا يتوقف عند أحد. وأضافت: هؤلاء الذين لايزالون يعتقدون أنهم في المربع المختلف يرفضون أن يتعاملوا مع حقيقة أن المواقع متغيرة، مبينةً أن الناس الواعية يجب ألا ترفض لتثبت نفسها، بل عليها أن تفكر وتجد الحلول، حتى لا يبقى الفرد منّا مكانك سر. تكميم الأفواه هو ما يرغب به البعض سيد الجميع ورأى "محمد السعد" أن هناك من يمارس الرفض ليثبت أنه مازال مسموع الكلمة، وأنه سيد الجميع، وبذلك يبدأ بممارسة سلطته في التعالي بالمعارضة، مع أن الزمن يتغيّر بسرعة وما هو مناسب لك اليوم لا يكون كذلك غداً، مضيفاً أنه عندما نؤسس لقناعة الرفض لمجرد الرفض، فلا نتعجب أن خالفنا من كان يتفق معنا ورفضنا من كان يوافقنا، مشدداً على أن من يرفض عليه إيجاد وسيلة جادة وسريعة لكي يعالج قلقه وإحباطه وتوتره المستمر، وأن يقرأ مرتين قبل أن يكتب، وأن يفكر ألف مرة قبل أن يدخل في مسار خاسر، مؤكداً أن كل خسارة جديدة تضاف الى الهزائم النفسية، وبذلك تصبح أنت من داخلك محتاجا الى تغيير آخر. د. نزار الصالح خطة بديلة وأوضحت "عهود ناصر" أن الرفض عادةً يعتمد على قناعة الشخص بما يطرح، فقد يكون الموضوع المرفوض مُخالفا مبدأ معينا عند الشخص، لذلك على من يطرح الموضوع أن يذكره بكافة تفاصيله وسلبياته وإيجابياته، مضيفةً أنه إذا جاء الرفض، فعلى الشخص اتباع خطة بديلة، تطرح فور المعارضة، ولا تدع مجالا للآخرين بالرفض، خاصةً ممن هو معروف عنهم التمسك بآرائهم بحيادية، مشددةً على أن المناقشة والأخذ والرد، دائماً تفتح الأفق لمجال أكبر من النقاش وتوضيح الرؤى واعتماد نتائج أفضل. متغيرات نفسية وقال "د. نزار الصالح" - الأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب بجامعة الملك سعود: إن الرفض عملية عقلية معقدة، مثلها مثل العمليات العقلية الأخرى، تعتمد على كثير من المتغيرات النفسية والاجتماعية لدى الفرد، فلا يمكن تصور أن شخصاً ما يرفض أمراً ما فقط من دون أي خلفيات حول هذا الرفض، مضيفاً أنه عندما نرفض لابد أن يكون لدينا أسبابنا للرفض، وهذه الأسباب ربما تكون بسبب عدم مناسبة أو صحة ما يفعله الآخر، لذلك نحن نرفض أداءه، أو ربما يكون السبب عدم معرفتنا لماذا هذا الشخص يفعل هذا العمل؟ لذلك نحن نرفضه، مبيناً أنه عادةً ما يكون الرفض بسبب عدم وجود الحل المناسب؛ لأنه غير مطلع على تفاصيل الأمر المرفوض، أو تكون حلوله عامة وغير مقنعة. غياب المصارحة وأوضح "د. الصالح" أن الرفض عملية نفسية لها أسبابها، وعدم قناعة الشخص بالعمل الحالي يؤدي الى الرفض، مضيفاً أن التعامل مع النفس البشرية تحتاج الى مزيد من العناية، فكثيراً ما يحدث الاختلاف بين الأشخاص بسبب عدم الوضوح والمصارحة وتقديم المعلومة المناسبة، مبيناً أنه عندما نريد أن نطرح قضية معينة لابد من توضيح بعض النقاط التفصيلية المساعدة على فهم ما نطرحه، حتى نحظى بالموافقة والقبول والتفهم، أما اذا كان موقفنا سلبيا وغير واضح، فمن الطبيعي أن نجابه بمقاومة الرفض وعدم القبول من الطرف الآخر؛ لأنه ببساطة ليست لديه معلومات كافية. وشدّد على أهمية الحرص عند التعامل مع الناس، بأن نكون واضحين، ونزودهم بالمعلومات المطلوبة والصعوبات التي نواجهها، بل وتقديم والمساعدة التي نحتاجها، حتى نجعل الآخر إيجابيا ومتعاونا في القضايا التي نطرحها.