أعتقد أن الحيوانات البرية والطيور المهاجرة دعت مولاها أن يخلق أزمة وحراكاً جغرافياً وبيئياً ومحميات وأنظمة تجعلها في مأمن من عملية "القنص". وأذكر أغنية شعبية اسمها "المقناص". وهي ليست لها صلة مباشرة بالصيد والقنص لكن الإذاعة السعودية من جدة آنذاك اختارت أن تسميها هكذا لتجنب الإحراج والاحتجاج والارتباك الاجتماعي لو قيل عنها أنها أغنية، أو شعر مُغنّى. وتعثرت شركات تبيع سيارات المقناص، أو تجري تعديلًا على سيارات عادية كان أهل الهواية يحتاجون إليها. ذلك لأسباب كثيرة ربما كان من بينها قلة الطراد. ثم جاءت أنظمة البيئة والمحميات ولم تعد القضية تستأهل التجهيزات. وعهدنا استهلال أغلب قصائد الشعر النبطي بعبارة "طير ياللي" – وقال نقاد النبط أن العبارة أصلها: طيري اللي. وليست الأولى. وقد توارت هي الأخرى وكذا الطير ومناداته والتغزل به، لأن الحيازة أخذت جانب الترف وليس العمل. ولعل تواري تلك الاهتمامات عائد إلى توفر اللحوم من ماشية وطيور ولم يعُد الأمر بحاجة إلى الاستعداد واقتناء ذاك النوع من السيارات. ثم إن الغزال دخل ضمن المحميات، والطيور المهاجرة لوحظ أنه تتجنب العبور من أجواء جزيرة العرب. ومما يُروى عن مجالس الملك فيصل رحمه الله أنه استقبل ذات يوم رجلا طلب منه زاداً ومالًا ومركبة من تلك المخصصات للقنص، تصميم خاص وحوض مُتسع. وقال له الملك فيصل: قل وش اللي ببالك. فقال السائل: وانيت موديل كذا. زوليتين (سجاد) كم كيس رز وتوابعه. هيل وقهوة وتوابعهما. خرجية (مصرف نقدي) ولما انتهى من سرد متطلبات المقناص التفتَ الملك فيصل إلى من عنده مبتمساً وقال مازحاًً: لو ألقى أحد يعطيني كل ذولي رحت أقنص.