افتتحت في مدينة جيبوتي عاصمة جمهورية جيبوتي امس أعمال الدورة التاسعة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي (دورة التضامن من أجل تنمية مستدامة) والتي تستمر حتى 17 نوفمبر 2012. وتم تشكيل أعضاء المكتب برئاسة جيبوتي، وكل من أفغانستانوفلسطين والجابون نوابا، والمقرر كازاخستان. وقد ألقى فخامة رئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل عمر جيله، كلمة رحب فيها بالحضور، وأعلن دعمه لجهود المنظمة في قضية أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، ودعم مسعى فلسطين في الحصول على حق الاعتراف الدولي في الأممالمتحدة. وثمن فخامته مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله المتمثلة في إنشاء مركز الحوار بين أتباع الأديان والحضارات ومركز الحوار بين المذاهب الإسلامية، مبينا أن رسالة العدل والمحبة للدين الإسلامي كفيلة بمواجهة كافة أنواع الظلم والاضطهاد ومكافحة الفقر وضمان الكرامة البشرية. ترشيح إياد مدني لتولي منصب الأمين العام للمنظمة كما ألقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية كلمة المملكة للاجتماع نقل في مستهلها تحيات صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وتمنيات سموه الخالصة لهذا الاجتماع بالتوفيق والنجاح من أجل الوصول إلى توصيات تصب في صالح الأمة الإسلامية وتحقق لها ما تصبو إليه من رقي وازدهار. وقال فيها : يأتي انعقاد هذا الاجتماع في أعقاب اجتماع الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر القمة الإسلامي الذي احتضنته مكةالمكرمة أواخر شهر رمضان الماضي ، لتعزيز التضامن الإسلامي بين شعوب الأمة الإسلامية، وبحمد الله تعالى أظهرت نتائج القمة وقوف زعماء وقيادات الأمة الإسلامية يدا واحدة وحرصهم على تعزيز العمل الإسلامي المشترك، وذلك من خلال تبنيهم قرارات القمة والبيان الختامي وميثاق مكةالمكرمة حيث تضمن مبادئ أساسية للتعاون والتعاضد بين المسلمين وتحقيق تطلعاتهم وتطوير وإصلاح شأن الأمة وبناء قدراتها والتصدي للغلو والتطرف بكافة أشكاله وصوره. وقد تبنت القمة مقترح خادم الحرمين الشريفين لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية لاستعادة الأمة الإسلامية تلاحمها ووحدتها في مواجهة التحديات الراهنة وإحلال التعايش بين المذاهب بعيدا عن الدسائس، الأمر الذي سيعود نفعه إن شاء الله لصالح أمتنا الإسلامية وجمع كلمتها. وفي هذا السياق فإن المملكة العربية السعودية، وانطلاقا من موقعها الديني في العالم الإسلامي وتبنيها للمنهج الوسطي، حرصت على تأطير مبدأ الحوار حين أعلن خادم الحرمين الشريفين مبادرته المعروفة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات والمرتكزة على إجماع علماء الأمة الإسلامية، ولاقت أصداءً إيجابية وترحيبا من كافة دول العالم ومختلف الأطياف الاجتماعية والدينية. وها هي ثمرة هذه المبادرة تتحقق إن شاء لله يوم 26 نوفمبر الجاري بافتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات في فيينا لمدّ جسور التواصل والفهم المتبادل بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة. تظل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي يشكلان محور الصراع في الشرق الأوسط ، وتتطلب منا التأكيد على مطالبنا المشروعة بأهمية إيجاد حلول شاملة وعادلة لهذا الصراع الذي طال أمده، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والمؤيدة من قبل مؤتمرات القمم العربية والإسلامية، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته السياسية والأخلاقية للضغط على إسرائيل لإعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين والكف عن كل الممارسات التعسفية واللا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته لإقامة دولته وعاصمتها القدس. إلا أنه من المحزن أن أمتنا الإسلامية تعاني من العديد من القضايا التي أدمت جسدها مثل أفغانستان والصومال واليمن وسوريا والأقليات الإسلامية في مناطق عديدة، وقد بادرت بلادي بوضع الحلول لهذه القضايا منطلقة في ذلك من مسؤولياتها الدينية والأخلاقية تجاه أشقائها، وتخفيف حجم المعاناة الإنسانية لإخواننا المسلمين في تلك الدول وغيرها من خلال تقديم كافة أشكال الدعم والمؤازرة لهذه القضايا بما يحقق تطلعات الشعوب الإسلامية للعيش الكريم بأمن وسلام وتحقيق التنمية الاقتصادية. وفي هذا السياق فإن المملكة وإدراكا منها للدور المحوري والمهم الذي تؤديه في الاقتصاد العالمي، وانطلاقا من مسؤولياتها تجاه إخوانها في الدول الإسلامية فإنها تسهم بسخاء في مساعدة الدول النامية، حيث تجاوزت المساعدات التي تقدمها المملكة النسبة التي قررتها الأممالمتحدة للمساعدات من الدول المتقدمة. وستستمر حكومة بلادي في سياستها لتقديم المساعدة بشكل ثنائي ومن خلال المؤسسات المتعددة الأطراف الإقليمية والدولية للتخفيف من المعاناة الاقتصادية لهذه الدول وتنميتها إن من أهم التحديات التي تواجهنا اليوم هي استفحال ظاهرة الإسلاموفوبيا والإساءة للأديان ورموزها، حيث يتعرض الدين الإسلامي لهجمات سافرة من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة تحت ذريعة حرية التعبير، فأي حرية تلك التي تتطاول على الرموز الدينية وتدنس الكتب السماوية دون رادع من ضمير أو خُلق أو حتى احترام لمشاعر الملايين من المسلمين؟ وأي تعبير ذلك الذي يخرج عن المنطق والعقل البشري لاتهام الاخرين بالإرهاب والتحريض ضدهم؟ إننا أيها الاخوة.. مطالبون اليوم بتكثيف العمل الجماعي من خلال المؤسسات الدولية للتصدي لمثل هذه الأفعال والسلوكيات بأساليب حضارية ومؤسساتية تتفق مع آليات العمل الدولي، ولكي لا تتحول هذه الأفعال إلى وسيلة للهجوم على المسلمين ومقدساتهم دون أي رادع قانوني لتجريم مرتكبيها. وفي هذا الإطار وانطلاقا من مسئولياته الإسلامية للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكافه الأنبياء والرسل عليهم السلام، وعن الأديان السماوية، طالب خادم الخرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله خلال لقائه بقادة الدول الاسلامية ورؤساء بعثات الحج في يوم الحج الأكبر، طالب هيئة الأممالمتحدة بمشروع قرار يدين أي دولة أو مجموعه أو أفراد تتعرض للأديان السماوية وللأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ووضع العقوبات الرادعة. وتنفيذا لهذه الإرادة تقوم حكومة المملكة بالتواصل مع معالي الأمين العام للأمم المتحدة ومعالي رئيس الجمعية العامة لإصدار هذا التشريع من مجلس الأمن، وإننا على ثقة ومن منطلق مسؤولياتنا الإسلامية والأخلاقية المشتركة أن نعمل جميعا على دعم وتأييد مثل هذا القرار. إن المملكة كانت من الدول التي نادت بتأسيس هذه المنظمة العتيدة واحتضنت مقرها وأسهمت بسخاء في دعم برامجها التي تصب في صالح المجتمعات الإسلامية بما يحقق تطورها ويعود بالخير على المسلمين فيها، وتعاقب على رئاسة وإدارة هذه المنظمة العديد من الشخصيات الإسلامية المرموقة من الدول الأعضاء، ولم يسبق لشخصية سعودية أن تولت هذا المنصب. لذا فإن المملكة واستكمالا للمسيرة الخيرة لهذه المنظمة ودعمها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ أمتنا الإسلامية يشرفها أن تعلن عن ترشيح معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني لتولي منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي للفترة القادمة. وإننا متأكدون أنه سيقوم بواجبات هذه المنظمة ويكمل البناء على أفضل مستوى؛ إذ إنه ذو كفاءة عالية وشغل عدة مناصب في الدولة آخرها وزيرا للثقافة والإعلام وتتطلع حكومة بلادي بأن يحظي هذا الترشيح بدعمكم ، وحتى نتمكن جميعا من ترجمة الرؤى والمبادئ التي تضمنها ميثاق مكةالمكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي ووضع الخطط والبرامج العملية لتحقيق تطلعات شعوب أمتنا الإسلامية في الأمن والاستقرار والسلام والتنمية. وقبل أن اختتم كلمتي أود أن أتقدم بالشكر لجمهورية كازاخستان على رئاستها الدورة 38 للمجلس الوزاري للمنظمة ،ونشكر جمهورية جيبوتي على استضافتها هذه الدورة وحسن الضيافة والاستقبال، ونسأل المولى عز وجل أن يكلل أعمال مؤتمرنا هذا بالنجاح والتوفيق لما فيه خير وصلاح أمتنا الإسلامية وأن يجمع كلمتها على الحق والهدى. من جهته تطرق الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي في كلمته أمام الاجتماع الى عدد من القضايا في المنطقة وجهود المنظمة.