قال: رأيت رؤيا غريبة، عجيبة..!! رأيت كأني أسير في صحراء واسعة، مترامية ليس لنهايتها طرف.. وبعد أن تعبت قدماي من السير، ظهر لي من بعيد حمار أسود.. فركضت وراءه حتى لحقت به ثم ركبته، فشعرت بالراحة بعد التعب فنمت على ظهره.. ثم صحوت فإذا بي على ظهر حمار أبيض، فارتعبت وفزعت فزعاً شديداً، وقلت لا بد أن يكون ما ركبته كان جنياً، أو شيطاناً، ودخلت في هواجس، ووساوس، مزعجة، ولكن النوم رغم ذلك غلبني فنمت على ظهره.. فلما صحوت وجدت تحتي بغلاً أشهب.. فذعرت، واستعذت بالله، وأردت النزول.. ولكنني قلت في نفسي إن نزلت وسط هذا الصحراء فسوف أموت عطشاً لا محالة.. ثم إنني نمت، فلما صحوت وجدتني على ظهر جمل أملح، فارتعبت وارتعدت فرائضي، وكاد يغمى علي من شدة الخوف والهلع، غير أنني قلت في نفسي: وأين المفرّ وأنا محاط بصحراء، وعطش..؟! ولعلني أبلغ مأمني ولا يحدث لي شيء.. ثم أنه أدركني النعاس فنمت!!، فلما استيقظت، وجدتني على ظهر فيل مطهمّ، مرتفع، على ظهره فرش، واكسية حمراء، مزركشة.. أصابني ما يشبه الخبل، فقلت: ما الذي جاء بهذا الفيل من بلاد الهند، والسند إلى بلادنا وكيف تأتي هذه الحيوانات الغريبة..؟ وأيقنت أنني في دوامة شيطانية، أو سحرية وأردت النزول فخفت من أرجل الفيل، وخرطومه وأنيابه.. وسار بي سيراً وئيداً حتى غلبني النوم، فلما صحوت، وجدتني على ظهر حوت جبار في عرض بحر مترامي الأطراف.. متلاطم الأمواج، والحوت قد فتح فمه يبتلع الحيتان الصغيرة، والدلافين وأسماك القرش.. كانت كل هذه الأضغاث والمشاهد، المتنقلة المتبدلة من ظهر الحمار الأسود إلى ظهر الحوت الجبّار، كلها وأنا في حلمي مستلقٍ على فراشي..؟ فلما استيقظت استيقاظاً حقيقياً.. أصبت بالرعب، والوجل وسيطر علي القلق.. فذهبت من فوري إلى أحد شيوخ مفسري الأحلام.. وقصصت له حكايتي وما رأيته من أحلام متنقلة من ظهر بهيم إلى آخر أكبر منه..!! وكنت أعاني من الذعر والخوف.. غير أنه تبسم وضرب على كتفي وقال: أبشر، ولا تخف..!! قلت: ماذا؟!! قال: نعم. ابشر.. فما رأيته، ما هو إلا الدرجات الوظيفية التي ستنالها.. فهذه البهائم التي ركبت ظهورها إنما تعني إنك ستعتلي ظهور المناصب..!! وأنك سوف ترتقي من درجة ورتبة إلى درجة أعلى منها حتى تصل درجة الحوت..!! فإذا وصلتها، فإنك سوف تأكل كل شيء تجده..! ثم ربت على كتفي مرة أخرى وقال: ولكن لدي رجاء.. قلت وما هو..؟ قال: إن لا تأكل أشيائي ما ما تآكل...!