وفاز باراك حسين أوباما برئاسة الولاياتالمتحدة الأميركية، وفي هذه المرة فاز أمام رجل قوي يمتلك كل المؤهلات للفوز بالرئاسة: الثراء العريض والشخصية القوية، والتجربة الناجحة كحاكم ولاية سابق، ناهيك أنه رجل ابيض، في بلد كان لون البشرة فيها يرفع ناسا ويضع ناسا آخرين، هذا بالإضافة إلى أمواله الخاصة كمليونير وأموال الحزب الجمهوري، وإذا كانت أميركا بلدا من المهاجرين، فإن هناك مهاجرين ومهاجرين، هناك أولا المهاجرون الانجلوساكسون الذين جاؤوا من انجلترا، وكونوا فيما بعد – إن صح هذا التعبير – الطبقة الارستقراطية التي تعرف بال WASP وهم الذين حكموا أميركا في البدايات الأولى، ثم جاء بعدهم مهاجرون من أوروبا وخاصة أوروبا الشرقية، وهؤلاء ظلوا لمدة طويلة مواطنين من الدرجة الثانية رغم أن الدستور الأميركي ساوى بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، ثم جاء السود، وهم لم يأتوا كمهاجرين، وإنما كعبيد، ورغم أنهم تحرروا فيما بعد إلا أنهم ظلوا مواطنين من الدرجة الثالثة، ولكنهم كافحوا، وساعدهم على الكفاح الدستور الأميركي القائم على النظام الديمقراطي، الذي يعتبر الأساس الأول فيه المساواة التامة بين المواطنين، بصرف النظر عن الأصل أو العرق أو اللون أو الدين، فالكل في حق الحياة سواء، وبناء على هذه المساواة أصبح من حق كل أميركي أن يكون عضوا في الكونجرس أو قاضيا، أو حتى أخيرا رئيسا للولايات المتحدة، والمؤهل الوحيد المطلوب هو الكفاءة، وليس أي شيء آخر، وهذا ما جعل الأفريقي الأسود الذي لم يكن أبوه أمريكيا، يتبوأ منصب "حاكم العالم" وليس رئيس أميركا فقط، ومع الأسف فإن الصورة عندنا وحتى في أوروبا العريقة في الديمواقراطية مختلفة، حيث أن المهاجرين يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية، فمتى نتعلم من أميركا لنكون مثلها تقدما وحضارة ورقيا وقيادة للعالم.