رئيس جمهورية غامبيا يزور المسجد النبوي    بدء التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية الأميركية    القبض على شخص في جازان لترويجه (13,981) قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر    أمانة القصيم توقع عقداً لمشروع نظافة مدينة بريدة    هدفان في الوقت بدل الضائع يهديان الأهلي 3 نقاط ثمينة    التعادل السلبي يخيم على مواجهة الخليج والفيحاء    ب 2378 علمًا بلدية محافظة الأسياح تحتفي باليوم الوطني ال94    أمين الشرقية يدشن مجسم ميدان ذاكرة الخبر في الواجهة البحرية    غوارديولا يعرب عن سعادته بعودة فودين للمشاركة في المباريات    برعاية وزير النقل انطلاق المؤتمر السعودي البحري اللوجستي 2024    وزارة الداخلية تُحدد «محظورات استخدام العلم».. تعرف عليها    جمعية إسناد تنفذ مبادرة نسمعهم لمستفيديها ذوي الاعاقة السمعية    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحتفي باليوم الوطني 94 بفعاليات تشكيلية وسينمائية وتراثية وثقافية    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ينظم مؤتمره الدولي الثالث    المراكز الصحية بالقطيف تدعو لتحسين التشخيص لضمان سلامه المرضى    جيش إسرائيل يؤكد مقتل الرجل الثاني في حزب الله اللبناني إبراهيم عقيل    نائب الشرقية يتفقد مركز القيادة الميداني للاحتفالات اليوم الوطني    المركز الوطني للأرصاد يحذر من المعلومات الفردية غير الرسمية عن مناخ المملكة    زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    الذهب يرتفع بعد خفض سعر الفائدة.. والنحاس ينتعش مع التحفيز الصيني    حافظ :العديد من المنجزات والقفزات النوعية والتاريخية هذا العام    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    "رفيعة محمد " تقنية الإنياغرام تستخدم كأداة فعالة لتحليل الشخصيات    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    تشكيل النصر المتوقع أمام الاتفاق    محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    إسرائيل - حزب الله.. هل هي الحرب الشاملة؟    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    قراءة في الخطاب الملكي    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    نائب أمير منطقة جازان ينوه بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلتي إلى الحج: إن الحمد لك والملك... هل يسمعها الطغاة؟!
همزة وصل
نشر في الرياض يوم 08 - 11 - 2012

عمرة أخرى خلال أيام قليلة فقط.. ها أنذا أؤديها. الحمد لله الذي سخر لي هذا بشكل مضاعف.. نفس الخطوات التي حفظتها منذ المرة الأولى، لكنها هذه المرة ليست لي بل لوالدي.. هديتي له خالصة مخلصة لله تعالى، منذ أن عقدت نيتي ملبية مع الملبين في تلك الكلمات التي أحرص في كل مناسبة من مناسبات رحلة الحج على ترديدها منغمة كما أسمعها دائما. لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك.
لم أسمعها في الحج بذلك السحر التلفزيوني المعتق، لكنني ارددها هذه المرة بشكل جماعي حي في مكانها الحي دائما، وأتفكر في معناها كما لم أتفكر به سابقا.. ترى.. هل يتفكر بذلك المعنى الطغاة وهو يرددونها أحيانا مثل بقية المسلمين حول بيت الله العتيق؟ هل يعرفون المعنى الحقيقي لعبارة "ان الحمد لك والملك.. لا شريك لك"؟.. أم انهم يتجاوزون المعنى الى المبنى وحسب، فتتحرك بها الشفاه من دون القلوب والعقول؟ الملك لك وحدك يا الله.. ذلك هو المعنى المستكين في قاع الإيمان والمستقر على قمته.. فهل وصل إليهم هكذا بالضبط؟
تتواتر داخلي مثل تلك الأسئلة وغيرها في رحلة الأسئلة كلما أشار أحدهم الى مجموعة متميزة عن غيرها بشكل من الأشكال في الطواف باعتبارها موكبا لشخص مهم.. حتى في بيت المساواة هذا يتميز البعض عن غيره بمن حوله في الطواف.
الزحام هذه المرة أشد من المرة السابقة لكن إحساسا رافقني وأنا أمسك بذراع شقيقي طائفين حول الكعبة بأن هناك من يفسح لنا الطريق.. كنت في هذا الطواف الأكثر سلاسة من سابقه، أكثر إحساسا بجسدي، ففي عمرتي الأولى تخيلت أن هذا الجسد يعرف طريقه المتموج بين الحشد لوحده أما الآن فأنا من يمشي ويتحرك ويتقدم الى الأمام بسهولة ويسر.
التفت الى شقيقي لأخبره بأن الأمر أيسر مما توقعت وأيسر من المرة السابقة رغم أن حشود الناس أكثر، فوافقني قبل أن يضيف: ربما لأنك اعتدت الأمر، فابتسمت له وقلت: وربما لأنها لوالدي.. ووافقني هذه المرة أيضا بابتسامة رائقة.
وبين ربما وربما ايقنت أن الحج نفسه سيكون أكثر سهولة ويسرا أيضا. ابتسمت للهاجس المتفائل واكملت طوافاتي السبعة وأنا أردد أدعية أهمس بها بيني وبين نفسي أحيانا، ويعلو بها صوتي حتى ليكاد يكون مسموعا ممن يجاورني في الطواف أحيانا أخرى.
كانت مهمة البحث عن مكان للركعتين هذه المرة أيسر أيضا.. فقد وجدت نفسي بين حشد من النسوة الأفريقيات كما يبدو من ملامحهن وملابسهن الزاهية وقوة أجسادهن اللافتة.. صليت، بحمايتهن، بسرعة كما يبدو فعندما اتجهت نحو أخي كان ما يزال في السجدة الأولى.. جلست بجانبه على أول درجة من الدرجات المؤدية الى المسعى، وما أن انتهى حتى أمسك بيدي ثم ضمني الى جانبه بذراعه وهو يرى حشدا رجاليا أفريقيا أيضا يتجه الينا مباشرة.. عبرناه الى الصفا وافترقنا..
صحيح أنني سعيت بين الصفا والمروة قبل ايام قليلة سبعة أشواط كاملات الا انني الآن أسعى وأنا أعرف المكان تماما.. ومنذ البداية. أسعى بوعيي كاملا وبعينين مفتوحتين تراقبان كل شيء وبشكل أكثر اطمئنانا.. أقف بين الشوطين عند مشرب زمزم على أحد الجانبين لأشرب أو استريح قليلا، وألاطف طفلا يلحق بوالده متعثرا باحرامه الطويل، وأبتسم في وجه امرأة صينية كما يبدو من ملامحها شذت عن مجموعتها ذات اللون الموحد في الملابس فبدا القلق يوجه خطواتها التائهة بحثا عن رفيقاتها.. وأنتبه لهرولة الرجال عند المكان المخصص للهرولة فينبع من بين حركتهم السريعة وحركتنا البطيئة في ذلك المكان سؤال؛ اليست السيدة هاجر هي أول من هرول في ذلك المكان بحثا عن ماء تسقي به رضيعها اسماعيل عليه السلام؟ فلماذا إذاً صارت الهرولة المتأسية لهرولتها لهم هم من دوننا نحن النساء؟
وكعادت أغلب أسئلتي هنا، تبقى بلا إجابة وكأنها لا يمكن أن تورق بالإجابات في واد غير ذي زرع.
انتهيت من مناسك العمرة كاملة وخرجت لأنتظر شقيقي في الباحة الخارجية للمسجد الحرام مستغلة وقت الانتظار في الدعاء والصلاة وبينهما فسحة لمراقبة الآخرين.. الآتين من كل فج عميق لهذا البيت العتيق.
ازدحمتُ بما أرصد من ملاحظات على كل ما ومن أراه حولي.. واستكملت رصدي فزادت زحمتي وأنا أتجول برفقة من معي في الأسواق المحيطة بذلك البيت المهيب.. متطلعة هذه المرة لمشعر منى.. لخيام منى تحديدا التي رسمتها في مخيلتي قبابا قماشية بيضاء كما تبدو في الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية. ومنها سيبدأ الحج ركناً خامسا من اركان الإسلام مشروطا لوحده بالاستطاعة إليه سبيلا.. وها هي سبله تتفتح أمامي بعد انتظار طويل.. فهل سأكمل أركان إسلامي أخيراً؟ هل سأتم مناسك الحج التي لم أبدأها بعد؟
في الطريق الى خيام منى كانت الشمس تنسحب نحو مغيبها وأنا في الحافلة التي تشق طريقها وسط الزحام الكبير أردد دعائي الموجز: رب.. أتمها وتقبلها.. رب اتمها وتقبلها.. رب أتمها وتقبلها.
(يتبع..)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.