تظل أخطاء كبار القادة والزعماء على مر العصور وتباين الأمكنة إحدى أهم المراحل الانتقالية في علم التاريخ الاجتماعي والسياسي لكثير من الدول والممالك -التي شهدت حضارات عريقة وتاريخاً طويلاً مع السلم والحرب-، وبإطلالة سريعة على أبرز هذه الأخطاء سوف نتذكر الجنرال "يوليوس قيصر" الذي وضع جُل ثقته بقريبه وأمين سره "بروتس" الذي كان من ضمن أولئك الذين حاكوا المؤامرة ضد قريبه الإمبراطور، بل كان من بين أوائل الذين غرسوا الخنجر في أحشاء هذا القيصر المخدوع والذي قال متعجباً وهو يقاسي سكرات الموت عبارته الشهيرة (حتى أنت يابروتس!)؛ ليجدها المسرحي الإنجليزي "شكسبير" عنواناً جميلاً لإحدى مسرحياته. أما الجنرال "نيرون" فكان خطأه الفادح، بل جريمته الكبرى، هو إحراقه الشهير لمدينة "روما" الإيطالية؛ الأمر الذي جعله يخسر تعاطف العامة من سكان جنوب أوروبا، فيما اقتصر خطأ الجنرال "سيف بن ذي يزن" على عدم استعانته ببني جلدته لاستعادة مُلك آبائه، وهو نفس الخطأ الذي فعله "المعتصم بالله العباسي" أحد أعظم جنرالات الدولة الإسلامية، إلاّ أن الأخير لم يفقد مُلكه، بل مكّنه الله -سبحانه- من إخضاع جُل ملوك الأرض آنذاك لدولته وسلطانه، إلاّ أن جنوده -فيما بعد- انفردوا بالأمر ونكلوا بأبنائه وأحفاده، وهذا خطأ غير بعيد عن الخطأ الفادح للجنرال المغولي الشهير "جنكيزخان" الذي قسّم مملكته بين أبنائه ليعيد بذلك الخطأ الذي ارتكبه قبله الخليفة العباسي ذائع الصيت "هارون الرشيد"، بينما كان خطأ الجنرال والإمبراطور الفرنسي "نابليون بونابرت" يكمن في غزوه ل"روسيا" ودخول "موسكو" التي تركها أهلها مدينة للأشباح بعد أن أحرقوها، فلا شجر ولا مدر، والخطأ نفسه ارتكبه الزعيم النازي "هتلر"، إذ تحول مؤشر قوته إلى الانحدار بعد غزوه ل"موسكو" مع مروره بما مر به سلفه الفرنسي "نابليون"، حيث واجه الاثنان الظروف المناخية ذاتها في حين كان خطأ الجنرال "سيف الدين قطز" ذات خطأ الإمبراطور "يوليوس قيصر" وخطأ الزعيم البيزنطي "آرمانوس" حين أسره السلطان السلجوقي المسلم "آلب أرسلان" وبدّد جيشه الذي يقدر بمائتي ألف جندي في معركة "ملاذ كرد"، والخطأ نفسه تكرر مع الجنرال المغولي "كتبغا" الملقب ب"شارب الدماء" الذي مارس الكبرياء والتعالي على جيوش المسلمين، فما كان منهم إلاّ أن صعقوه في معركة "عين جالوت" حتى أن رأسه بدا في مقدمة الرؤوس التي طارت مع بداية المعركة، ولكن قد يسأل البعض عن القائد الفذ "صلاح الدين الأيوبي" وخطأه الأكبر وفق ما صرّح به المؤرخون المسلمون، واتفق عليه مؤرخو أوروبا قديماً وحديثاً وهو الخطأ الأكثر غرابة؛ لا سيما وقد صرح به الأوروبيون كثيراً حين قالوا إن خطأ "صلاح الدين" هو رأفته الزائدة بعدوه، ويظهر ذلك جلياً في عفوه عن كثير من قادتهم وفرسانهم بعد أن مكّنه الله -سبحانه- منهم حتى أن خيمته التي ضُربت له بعد حطين جمعت أخطر أعدائه، وقد أُدخلوا على "صلاح الدين" مُقيدين، فلم يقتل منهم إلا أرناط (ريجنالد شاتيون)؛ لأنه نكث العهد ونهب قوافل الحج، وهذا العفو جر على "صلاح الدين" ويلات الحرب مع القائد الألماني "كونراد" والإمبراطور الفرنسي "فيليب أغسطس" الذي بنى قلعته المشهورة وسط باريس (متحف اللوفر حالياً) والإمبراطور الإنجليزي المهيب "ريتشارد" قلب الأسد. والحقيقة أن معظم أخطاء الجنرالات متكررة عبر التاريخ، وعلى منوالها تدور أخطاء "الحجاج بن يوسف" و"قتيبة الباهلي" والجنرال البريطاني "ويلسون" والداهية المغولي "تيمور لنك"، وقبل هذا مجازفة الإمبراطور الياباني "هيروهيتو" إبان الحرب العالمية الثانية التي كلفته تلقي القنبلة الذرية الأمريكية في "هيروشيما" و"نكازاكي".