نشرت جريدة «الرياض» يوم السبت الماضي وعلى صدر صفحتها الأولى خبراً بعنوان «بعد حظر دام 10 أشهر.. عودة الوافدين إلى العمل في متاجر الذهب والمجوهرات». والحقيقة أن أقل ما يمكن أن يوصف به هذا الخبر بأنه انتصار جديد لمناهضة السعودة، وخيبة أمل جديدة لمسيرة السعودة. حيث يقول الخبر: «إن الجهود السابقة لتوطين وظائف تجارة الذهب قد تلاشت بعودة الوافدين إلى العمل في محلات الذهب والمجوهرات بعد تحويل ملف سعودة أسواق الذهب والمجوهرات من إمارات المناطق إلى وزارة العمل». وعلى الرغم من أن الخبر لم يشر إلى أن قرار عودة الوافدين للعمل في محلات الذهب قد صدر بشكل رسمي إلا أنه يشكل انتكاسة للجهود المبذولة لتوطين الوظائف ولا يتوافق إطلاقاً مع حالة الاستنفار التي تعيشها وزارة العمل، خاصة وأن هذا الأمر جاء متزامناً مع عدة أحداث يأتي على رأسها حملة وزارة العمل التي تقوم بها في مختلف المدن والقرى لتوطين الشباب، وكذلك حدث آخر تزامن إعلانه مع نشر الخبر الذي نحن بصدد الحديث عنه. وهو تكريم معالي وزير العمل لعدد من المنشآت الفائزة بجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسعودة، حيث سيتم تكريم 31 شركة تنتمي ل16 قطاعاً من قطاعات العمل في المملكة. ومع تحفظي الكبير على هذا الرقم وأعني به (31) شركة من آلاف الشركات العاملة في المملكة. إلا أن مسألة التكريم والاحتفاء تعد أمراً إيجابياً. وهنا يبرز السؤال الأهم، وهو ما دمنا نكرم المتميزين ونقول للمحسن أحسنت فمتى نُحاسب المقصرين ونقول للمسيء أسأت ونوقفه عند حده؟ أين باقي منشآت القطاع الخاص من هذا التكريم؟ ألم يحن الوقت لنسأل أولئك الذين يستفيدون من مقدرات البلاد وخبراتها حتى يقوموا بدورهم تجاه وطنهم ومواطنيهم؟ ألم يحن الوقت ليقال لهم كفوا عن الإثراء الفاحش والاتصاف بالأنا والجنوح إلى الذاتية على حساب الوطن وأبناء الوطن؟... إنها أسئلة كثيرة تحتاج إلى قرارات جريئة ليقف أولئك الا.... عند حدودهم، وليعلموا أنه وكما أن لهم حقوقاً فإن عليهم واجبات لا بد من أدائها. وعودة إلى موضوعنا وهو حدث الساعة، وأعني به سعودة محلات الذهب والمجوهرات فأجزم أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار حاسم في تفعيل السعودة الخاص بهذا الموضوع، ذلك أن الاحصائيات تشير إلى أن هناك قرابة عشرين ألف فرصة عمل يشغلها الوافدون ومن السهل سعودتها وبعملية حسابية مبسطة لك أن تتخيل عزيزي القارئ كم هو حجم المبلغ الذي سيتقاضاه العاملون في هذا المجال إذا علمنا أن مرتباتهم الشهرية وكما نشرت جريدة الرياض - تتراوح ما بين 1500 إلى 15000 ألف ريال. فإذا قلنا ان المرتب الشهري للعامل الواحد يبلغ 3000 ريال فإن إجمالي ما يتقاضاه العاملون في هذا المجال يربو على سبعمائة مليون ريال سنوياً... ثم إن قرار السعودة - الذي مازال حبراً على ورق - لم يكن ارتجالياً أو متسرعاً، بل إنه استنفد كافة المراحل لاستكمال حيثياته وليكون قابلاً للتطبيق، خصوصاً إذا ما علمنا أنه اتخذ قبل خمس سنوات، وتم التدرج فيه وفق نسبة محددة.... أي بواقع 30٪ للسنة الأولى و50٪ للسنة الثانية. على أن يتم تنفيذه كاملاً في السنة الثالثة. وحسب علمي أنه تم تنفيذ دورات تأهيلية للشباب السعودي لتمكينهم من الانخراط بالعمل في هذا المجال وبالفعل قرأنا عن تخريج أعداد لا بأس بها من أولئك الشباب، ولكن ومع شديد الأسف الفرحة لم تتم بعد أن علّق القرار الذي - أظن - أنه جاء استغلالاً لتراخي الجهات الرقابية وقد يكون لملاك محلات الذهب - الحقيقيون - الدور الأبرز في ذلك لأنهم يفضلون أشخاصاً معينين للعمل في هذه المحلات. ليصاب أولئك الشباب من أبناء الوطن ومن خلفهم أسرهم التي كانت تمنى نفوسها بعثور أحد أفرادها على فرصة عمل تتيح له كسباً حلالاً. أقول ليصابوا جميعاً ونحن معهم كمواطنين بخيبة أمل كبيرة إثر فتح المجال للعمالة الوافدة - أياً كانت جنسيتها - لتسلبهم حقوقهم وتحرمهم من فرص عمل هم أولى بها. خصوصاً إذا ما علمنا أن العامل الوافد سيقبل وفي كل الأحوال بأجور أقل مما سيدفعه صاحب العمل للمواطن السعودي. وبالتالي فلا مجال للمنافسة هنا. لذا فإننا نتوقع أن يكون هناك تحرك سريع من وزارة العمل والجهات المعنية الأخرى نحو تنفيذ القرار المشار إليه واتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد، وما لم يتم ذلك فإن الأمر سيكون جداً خطير وسيترتب عليه نتائج وخيمة ستضر دون شك في مسيرة السعودة وستجهض كل المحاولات الجريئة لوزارة العمل بدءاً من سعودة البقالات الصغيرة ومروراً بأسواق الخضار وانتهاء بوظائف السكرتارية والنسخ في الشركات الكبرى والقائمة تطوووول! ٭ إعلامي أكاديمي [email protected]