لعل اهتمام وسائل الإعلام العالمية بصفقة الاندماج الجزئي لراندوم هاوس وبنغوين واللتين تعدان من أكبر 6 دور نشر على مستوى العالم ليفتح باب التساؤل حول التحولات التي تقع في سوق النشر في العالم وما يجب القيام به لحماية سوق النشر الوطني والعربي قبل ان يجتاحه طوفان التحولات التقنية دون وقت كاف للتمكن من إتمام مراحل تحول انتقالية. تأسست دار نشر بنغوين في العام 1935م وتبيع سنوياً 110 ملايين كتاب وتبلغ إيراداتها السنوية مليار جنيه إسترليني، بينما تأسست دار راندوم هاوس في العام 1925م وتنشر سنوياً 400 مليون كتاب (ورقي ومسموع وإليكتروني)، وتبلغ إيراداتها السنوية 1.5 مليار جنيه إسترليني وهو ما يعطي مؤشرا ذا دلالتين حول أمرين رئيسيين يتمثل الأول في ضخامة الإنتاج والأمر الآخر حول المداخيل المالية العالية ومع ذلك قررتا الاندماج الجزئي مع ما تحققه من من أرباح. بحسب إعلان داري النشر أن الهدف من عملية الاندامج الجزئي برأسمال 2.4 مليار جنيه استرليني هو الدخول إلى سوق صناعة النشر الإليكتروني لمنافسة شركة أمازون والتي تبيع بمفردها أكثر من 90% من مبيعات الكتب الإليكترونية في المملكة المتحدة وحققت دخلا سنويا في العام 2011 40 مليار دولار، وتسعى في العام 2015 م إلى زيادة مداخيلها السنوية إلى 100 مليار دولار! هنا علينا التوقف والتساؤل والتحليل والتأمل إذا كانت دور النشر العالمية سعت إلى الاندماج لدخول سوق الكتب الإليكترونية بزخم كبير ماذا علينا أن نفعل قبل أن تتأثر صناعة النشر السعودية بشكل واسع؟ هل نقول بأن على جمعية الناشرين السعوديين السعي إلى تأسيس كيانات متخصصة في بيع الكتاب الإليكتروني؟ وهل نقول بأهمية تعاونها مع مثل شركة أمازون لنشر الكتب الورقية على مواقع مثل أمازون؟ هل نقول بأهمية إطلاق أجنحة متخصصة في معرض الرياض الدولي للكتاب القادم لرواد صناعة النشر الإليكتروني في العالم كشركة أمازون ومزودي خدمة المحتوى الإليكتروني كشركة أبل وغيرها في سبيل تسهيل استيعاب الناشرين السعوديين لثقافة الكتاب الإليكتروني وتهيئة المناخ لهذه الثقافة لدى القارئ خصوصاً وأن الأجيال الصاعدة تتفاعل مع التقنية الحديثة بشكل متقدم؟ هل نقول بأن التحولات التقنية وسهولة توفير محتوى معرفي وتقني وفكري وثقافي إليكتروني يحتم على مؤسسات التعليم العام سرعة التفاعل باستخدام هذه التقنية من خلال نشر الكتب المدرسية على جهاز كندل أو أي باد بدل من النسخ الورقية من الكتب المنهجية؟ وهل نقول إن انتشار ثقافة بيع الكتاب الإليكتروني في المنطقة وعدم اكتراثنا بهذه الثقافة قد يتسبب في إضعاف الإنتاج الفكري والثقافي والعلمي والتقني السعودي؟ وهل نقول بأن استيعابنا لمثل هذه الثقافة قد يساهم في انتشار القراءة نظراً لانخفاض نفقات الكتاب الإليكتروني وسهولة التحميل وهو ما يتسبب في تقدم التنمية وتطوير السلوك الإنساني والذي هو جوهر أي تقدم؟ وهل نقول بأن تهيئة المناخ لهذه الثقافة ستساهم في زيادة مداخيل المؤلفين والناشرين ما يساهم في انطلاق الإبداع السعودي والعلمي والتقني للعالمية ؟ كل تلك الأسئلة مشروعة وبحاجة لمبادرة سريعة في سبيل استيعاب تلك التحولات قبل فوات الأوان.